وتملك في سنة إحدى وسبعين دمشق تاج الدولة تتش السلجوقي، وقتل أتسز، وتحبب إلى الرعية.
وتملك قصرا وقونية وغير ذلك الملك سليمان بن قتلمش السلجوقي في هذا الحدود. ثم سار في جيوشه، فنازل أنطاكية، حتى أخذها من أيدي الروم؛ وكانت في أيديهم من مائة وبضعة عشر عامًا.
وأما الأندلس فجرت فيها حروب مزعجة. وكانت وقعة الزلاقة بين الفرنج، وبين صاحب الأندلس المعتمد بن عباد، ونجده أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بجيوش البربر الملثمين. فكان العدو خمسين ألفًا فيقال: ما نجا منهم ثلاث مائة نفس.
وافتتح السلطان ملكشاه حلب والجزيرة. ورد إلى بغداد، وعمل عرس بنته على الخليفة.
وفي سنة ٣٨٤: أقبل عسكر المستنصر فحاصروا عكا وصور.
ومات أمير الجيوش بدر الجمالي متولي مصر. وكان قد بلغ رتبة عظيمة، وقام بعده ابنه شاهان شاه أحمد على قاعدة أبيه.
وقيل: إنما مات بعيد المستنصر، وفي دولة المستنصر المتخلف، وقع القحط المذكور لاحتراق النيل الذي ما عهد مثله بمصر من زمن يوسف ﵇. ودام سنوات بحيث إن والدة المستنصر وبناته سافرن من مصر خوفًا من الجوع، وآل أمره إلى عدم كل الدواب ببلاد مصر، بحيث بقي له فرس يركبها، واحتاج إلى دابة يركبها حامل الجتر يوم العيد وراءه، فما وجدوا سوى بغلة ابن هبة كاتب السر فوقفت على باب القصر، فازدحم عليها الحرافشة وذبحوها وأكلوها في الحال، فأخذهم الأعوان وشنقوا، فأصبحت عظامهم على الجذوع قد أكلوا تحت الليل.
مات المستنصر: في ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربع مائة، وقد قارب السبعين. وكان سب الصحابة فاشيا في أيامه، والسنة غريبة مكتومة، حتى إنهم منعوا الحافظ أبا إسحاق الحبال من رواية الحديث، وهددوه، فامتنع. ثم قام بعد المستنصر ابنه أحمد.