طلائع، فقوي، وندم طلائع على توليته لفروسيته وشهامته، فأوصى طلائع وهو يموت إلى ابنه أن لا يهيج شاور.
ثم إن شاور حشد وجمع، واخترق البرية إلى أن خرج من عند تروجة، وقصد القاهرة، فدخلها من غير ممانعة، ثم فتك برزيك وتمكن.
ثم قدم دمشق جريدة إلى نور الدين مستنجدًا به، فجهز معه شيركوه، بل بعده بسنة، فاسترد له الوزارة، وتمكن، ولم يجاز شيركوه بما يليق به، فأضمر له الشر، واستعان شاور بالفرنج، وتحصن منهم شيركوه ببلبيس، فحصروه مدة، حتى ملوا.
واغتنم نور الدين خلو الساحل منهم فعمل المصاف على حارم.
وأسر ملوكا في سنة تسع وخمسين. ورجع شيركوه بعد أمور طويلة الشرح.
ثم سير العاضد، يستنجد بشيركوه على الفرنج، فسار وهزم الفرنج بعد أن كادوا يأخذون البلاد، وهم شاور باغتيال شيركوه وكبار عسكره، فناجزوه وقتلوه في ربيع الآخر سنة أربع وستين قتله جرديك النوري وصلاح الدين، فتمارض شيركوه فعاد شاور فشد عليه صلاح الدين.
ولعمارة فيه:
ضجر الحديد من الحديد وشاور … في نصر دين محمد لم يضجر
حلف الزمان ليأتين بمثله … حنثت يمينك يا زمان فكفر
فاستوزر العاضد شيركوه، فلم يطول، ومات بالخانوق بعد شهرين وأيام، وقام بعده ابن أخيه صلاح الدين. وكان يضرب بشجاعة أسد الدين شيركوه المثل، ويخافه الفرنج.
قال ابن واصل: حدثنا الأمير حسام الدين بن أبي علي قال: كان جدي في خدمة صلاح الدين … ، فحكى وقعة السودان بمصر التي زالت دولتهم بها ودولة العبيدية. قال: شرع صلاح الدين يطلب من العاضد أشياء من الخيل والرقيق والمال ليقوي بذلك ضعفه، فسيرني إلى العاضد أطلب منه فرسا، فأتيته وهو راكب في بستانه الكافوري فقلت له، فقال: مالي إلَّا هذا الفرس، ونزل عنه، وشق خفيه ورمى بهما، فأتيت صلاح الدين بالفرس.
قلت: تلاشى أمر العاضد مع صلاح الدين إلى أن خلعه، وخطب لبني العباس، واستأصل شأفة بني عبيد، ومحق دولة الرفض. وكانوا أربعة عشر متخلفًا لا خليفة، والعاضد في اللغة أيضًا القاطع، فكان هذا عاضدا لدولة أهل بيته.