قال العماد الكاتب: وهم الآن محصورون محسورون لم يظهروا، وقد نقصوا وتقلصوا، وانتقى صلاح الدين ما أحب من الذخائر، وأطلق البيع بعد في ما بقي، فاستمر البيع فيها مدة عشر سنين.
ومن كتاب من إنشاء القاضي الفاضل إلى بغداد: وقد توالت الفتوح غربًا، ويمنًا وشامًا، وصارت البلاد بل الدنيا والشهر، بل والدهر حرمًا حرامًا، وأضحى الدين واحدًا بعد أن كان أديانًا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صمًا وعميانًا، والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة. ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم بينهم شيعًا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعًا، وقطع دابرهم، ورغمت أنوفهم ومنابرهم، وحقت عليهم الكلمة تشريدًا وقتلًا، وتمت كلمات ربك صدقًا وعدلًا، وليس السيف عمن سواهم من كفار الفرنج بصائم، ولا الليل عن السير إليهم بنائم.
قلت: أعجبني سرد هؤلاء الملوك العبيدية على التوالي، ليتأمله الناظر مجتمعًا. فلنرجع الآن إلى ترتيب الطباق في حدود العشرين وثلاث مائة وما بعدها.