وقد ولي القضاء من قِبَلِ ابن الإخشيذ، ثم بعد ستة أشهر ورد العهد بالقضاء من قاضي العراق ابن أبي الشوارب ابن أبي زرعة، فركب بالسواد، ولم يزل ابن الحداد يخلفه إلى آخر أيامه.
وكان ابن أبي زرعة يتأدَّب معه ويعظمه، ولا يخالفه في شيء، ثم عزل عن بغداد ابن أبي الشوارب بأبي نصر يوسف بن عمر، فبعث بالعهد إلى ابن أبي زرعة.
قال ابن خلكان: صنَّف أبو بكر بن الحداد كتاب "الفروع" في المذهب، وهو صغير الحجم، دقق مسائله، وشرحه جماعة من الأئمة؛ منهم: القفَّال المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي، إلى أن قال: أخذ عن أبي إسحاق المروزي.
ومولده يوم مات المزني، وكان غواصًا على المعاني محققًا.
توفِّي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة، وقيل: سنة أربع.
قلت: حَجَّ ومرض في رجوعه، فأدركه الأجل عند البئر والجميزة، يوم الثلاثاء لأربَع بَقَيْنَ من المحرَّم سنة أربع، وهو يوم دخول الركب إلى مصر، وعاش تسعًا وسبعين سنة وأشهرًا، ودفن يوم الأربعاء عند قبر أمه، أرَّخَه المسبَّحي.