ذلك أشدّ الكراهة، ولا يناقش أحدًا فيه، إنما كان ورَّاقه وابنه يطلبان الناس بذلك، فيكره هو ذلك، ولا يقدر على مخالفتهما.
سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد، وكفاه شرفًا أن يحدِّث طول تلك السنين، ولا يجد أحد فيه مغمزًا بحجة، وما رأينا الرحلة في بلاد من بلاد الإسلام أكثر منها إليه، فقد رأيت جماعة من أهل الأندلس، وجماعة من أهل طراز وإسبيجاب على بابه، وكذا جماعة من أهل فارس، وجماعة من أهل الشرق.
سمعته غير مرة يقول: ولدت سنة سبع وأربعين ومائتين.
ورحل به أبوه على طريق أصبهان في سنة خمس وستين فسمع بها، ولم يسمع بالأهواز ولا البصرة حرفًا، ثم حج، وسمع بمكة من أحمد بن شيبان الرملي صاحب ابن عيينة، سمع بها منه فقط، وسمع بمصر، وعسقلان، وبيروت، ودمياط، وطرسوس، سمع بها من أبي أمية الطرسوسي، وسمع بحمص من محمد بن عوف، وأبي عتبة أحمد بن الفرج، وبالجزيرة من محمد بن علي بن ميمون الرقي، وسمع المغازي من لفظ العطاردي، وسمع مصنفات عبد الوهاب بن عطاء من يحيى بن أبي طالب، وسمع مصنفات زائدة، والسنن لأبي إسحاق الفزاري من أبي بكر الصاغاني، وسمع العلل لعلي بن المديني من حنبل، وسمع معاني القرآن من محمد بن الجهم السمري، وسمع التاريخ من عباس الدوري، ثم انصرف إلى خراسان وهو ابن ثلاثين سنة.
سمعته يقول: حدثت بكتاب معاني القرآن في سنة نيف وسبعين ومائتين.
قال الحافظ أبو حامد الأعمشي: كتبنا عن أبي العباس بن يعقوب الورَّاق في مجلس محمد بن عبد الوهاب الفراء سنة خمس وسبعين ومائتين.
الحاكم: سمعت محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، سمعت جدي، وسُئِل عن سماع كتاب المبسوط من أبي العباس الأصم فقال: اسمعوا منه فإنه ثقة، قد رأيته يسمع مع أبيه بمصر، وأبوه يضبط سماعه.
الحاكم: سمعت يحيى بن منصور القاضي، سمعت أبا نعيم بن عدي، واجتمع جماعة يسألونه المُقَام بنيسابور لقراءة المبسوط فقال: يا سبحان الله، عندكم راوي هذا الكتاب الثقة المأمون أبو العباس الأصم، وأنتم تريدون أن تسمعوه من غيره.
أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن أبي حاتم يقول: ما بقي لكتاب المبسوط راوٍ غير أبي العباس الورَّاق، وبلغنا أنه ثقة صدوق.