للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس كل من برز فيهما نبيًّا؛ لأن النبوة موهبة من الحق تعالى، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولّد العلم اللدنِّي، والعمل الصالح.

وأمَّا الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلًا، وحاشاه، وإن كان في تقاسيمه من الأقوال والتأويلات البعيدة، والأحاديث المنكرة عجائب، وقد اعترف أنَّ صحيحه لا يقدر على الكشف منه إلَّا من حفظه، كمن عنده مصحف لا يقدر على موضع آية يريدها منه إلَّا من يحفظه.

وقال في صحيحه: شرطنا في نقله ما أودعناه في كتابنا، ألَّا نحتج إلَّا بأن يكون في كل شيخ فيه خمسة أشياء: العداله في الدين بالستر الجميل، الثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه، الثالث: العقل بما يحدث من الحديث، الرابع: العلم بما يحيل المعنى من معاني ما روى، الخامس: تعري خبره من التدليس، فمن جمع الخصال الخمس احتججنا به.

وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت يحيى بن عمَّار الواعظ، وقد سألته عن ابن حبان فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا فأنكر الحدَّ لله، فأخرجناه.

قلت: إنكاركم عليه بدعة أيضًا، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى نصّ بإثبات ذلك ولا بنفيه، و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (١).

وتعالى الله أن يحدَّ أو يوصف إلَّا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد، بلا مثل ولا كيف، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير﴾ [الشورى: ١١]


(١) حسن لغيره: أخرجه الترمذي "٢٣١٧"، وابن ماجه "٣٩٧٦"، والقضاعي في مسند الشهاب "١٩٢" من طريق الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به مرفوعًا، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي إلّا من هذا الوجه.
قلت: إسناده ضعيف؛ لضعف قرة بن عبد الرحمن، وأخرجه مرسلًا مالك "٢/ ٩٠٣"، ومن طريقه وكيع في "الزهد" "٣٦٤"، وهناد في "الزهد" "١١١٧"، والترمذي "٢٣١٨"، والقضاعي "١٩٣" عن الزهري، عن علي بن حسين قال: قال رسول الله ، فذكره.
وأخرجه مرسلًا عبد الرزاق "٢٠٦١٧"، والبيهقي في شعب الإيمان "٤٩٨٦" من طريق معمر، عن الزهري، به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية "٨/ ٢٤٩" من طريق الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين مرسلًا، وأخرجه مرسلًا أحمد "١/ ٢٠١"، والطبراني في الكبير "٢٨٨٦" من طريق موسى بن داود، حدثنا عبد الله بن عمر، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن أبيه قال: قال رسول الله : فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>