للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قرأت بخط الحافظ الضياء في جزء علَّقَه مآخذ على كتاب ابن حبان فقال: في حديث أنس في الوصال (١) فيه دليل على أنَّ الأخبار التي فيها وضع الحجر على بطنه من الجوع كلها بواطيل، وإنما معناها الحُجَز، وهو طرف الرداء؛ إذ الله يطعم رسوله، وما يغني الحجر من الجوع (٢).

قلت: فقد ساق في كتابه حديث ابن عباس في خروج أبي بكر وعمر من الجوع، فلقيا النبي ، فأخبراه فقال: "أخرجني الذي أخرجكما" فدلَّ على أنه كان يطعم ويسقى في الوصال خاصّة.

وقال في حديث عمران بن حصين أن النبي قال لرجل: "أصمت من سرر شعبان شيئًا"؟ قال: لا قال: "إذا أفطرت فصم يومين" (٣).

فهذه لفظة استخبار، يريد الإعلام بنفي جواز ذلك؛ كالمنكر عليه لو فعله؛ كقوله لعائشة: "تسترين الجدر" (٤)، وأمره بصوم يومين من شوال، أراد به انتهاء السرار، وذلك في الشهر الكامل، والسرار في الشهر الناقص يوم واحد.


(١) وهو ما ورد عن أنس قال: واصل رسول الله في أوّل شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك فقال: "لو مدّ لنا الشهر لواصلنا وصالًا، يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي" أو قال: "إني لست مثلكم، إني أظلّ يطعمني ربي ويسقيني".
أخرجه أحمد "٣/ ١٢٤، ١٩٣، ٢١٨، ٢٣٥، ٢٤٧، ٢٥٣، ٢٨٩"، وابن أبي شيبة "٣/ ٨٢"، والبخاري "٧٢٤١"، ومسلم "١١٠٤"، والترمذي "٧٧٨"، وأبو يعلى "٢٨٧٤"، "٣٠٩٩"، "٣٢٨٢"، وابن خزيمة "٢٠٧٠"، والبيهقي "٤/ ٢٨٢"، والبغوي "١٧٣٩" من طرق عن ثابت، عن أنس، به.
(٢) قد ثبت وضع النبي الحجر على بطنه من الجوع: فيما رواه البخاري "٤١٠١"، وأحمد "٣/ ٣٠٠" من حديث جابر بن عبد الله قال: "إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، قال: "أنا نازل" ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، فأخذ النبي المعْوَل فضرب في الكدية، فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم" الحديث، وقوله "فعرضت كدية": قيل: هي القطعة الشديدة الصلبة من الأرض.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري "١٩٨٣"، ومسلم "١١٦١" من حديث عمران بن حصين، به.
والسرر -بفتح السين المهملة ويجوز كسرها وضمها- جمع سرة، ويقال أيضًا: سرار -بفتح أوله وكسره- وهو من الاستسرار، قال أبو عبيد والجمهور: المراد بالسرر هنا آخر الشهر، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها.
وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين، ووقع في رواية مسلم: "يا فلان، أصمت من سرة هذا الشهر"؟ وقوله: "سرة هذا الشهر" سرته: وسطه؛ لأن السرة وسط قامة الإنسان.
(٤) صحيح: أخرجه أحمد "٦/ ٢٤٧"، ومسلم "٢١٠٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>