ومائتين، وقد سمعنا السيرة من طريقه، وقد سُئِل الحافظ أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي عن الطبراني فقال: كتبت عنه ثلاث مائة ألف حديث، ثم قال: وهو ثقة، إلَّا أنه كتب عن شيخ بمصر، وكانا أخوين، وغلط في اسمه -يعني: ابني البرقي.
قال أبو عبد الله الحاكم: وجدت أبا علي النيسابوري الحافظ سيء الرأي في أبي القاسم اللخمي، فسألته عن السبب فقال: اجتمعنا على باب أبي خليفة، فذكرت له طرق حديث:"أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء"(١) فقلت له: يحفظ شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس قال: بلى رواه غندر، وابن أبي عديّ، قلت: من عنهما؟ قال: حدثناه عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عنهما، فاتهمه إذ ذاك فإنه ما حدَّث به غير عثمان بن عمر، عن شعبة، قلت: هذا تعنَّت على حافظ حجة.
قال الحافظ ضياء الدين المقدسي: هذا وَهِمَ فيه الطبراني في المذاكرة، فأمَّا في جمعه حديث شعبة، فلم يروه إلَّا من حديث عثمان بن عمر، ولو كان كل من وَهِمَ في حديث واحد اتُّهِمَ؛ لكان هذا لا يسلم منه أحد.
قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: دخلت بغداد وتطلبت حديث إدريس بن جعفر العطار، عن يزيد بن هارون، وروح، فلم أجد إلَّا أحاديث معدودة، وقد روى الطبراني عن إدريس، عن يزيد، كثيرًا، قلت: هذا لا يدل على شيء، فإن البغاددة كاثروا عن إدريس للينه، وظفر به الطبراني فاغتنم عُلُوّ إسناده، وأكثر عنه، واعتنى بأمره.
وقال أحمد الباطرقاني: دخل ابن مردويه بيت الطبراني، وأنا معه، وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذر؛ لبيع كتب الطبراني، فرأى أجزاء الأوائل بها، فاغتمَّ لذلك، وسبَّ الطبراني، وكان سيء الرأي فيه.
وقال سليمان بن إبراهيم الحافظ: كان ابن مردويه في قلبه شيء على الطبراني، فتلفَّظَ بكلام، فقال له أبو نعيم: كم كتبت يا أبا بكر عنه، فأشار إلى حزم، فقال: ومن رأيت مثله، فلم يقل شيئًا.
قال الحافظ الضياء: ذكر ابن مردويه في تاريخه لأصبهان جماعة وضعَّفهم، وذكر الطبراني فلم يضعفه، فلو كان عنده ضعيفًا لضعَّفه.
قال أبو بكر بن أبي علي المعدل: الطبراني أشهر من أن يدل على فضله وعلمه، كان
(١) صحيح: أخرجه البخاري "٨٠٩"، ومسلم "٤٩٠"، وأبو داود "٨٨٩".