واسع العلم، كثير التصانيف، وقيل: ذهبت عيناه في آخر أيامه، فكان يقول: الزنادقة سحرتني. فقال له يومًا حسن العطار -تلميذه- يمتحن بصره: كم عدد الجذوع التي في السقف؟ فقال: لا أدري، لكن نقش خاتمي سليمان بن أحمد.
قلت: هذا قاله على سبيل الدعابة، قال: وقال له مرة: من هذا الآتي؟ يعني ابنه، فقال: أبو ذر -وليس بالغفاري.
ولأبي القاسم من التصانيف: كتاب "السنة" مجلد، كتاب "الدعاء" مجلد، كتاب "الطوالات" مجيليد، كتاب "مسند شعبة" كبير، "مسند سفيان"، كتاب "مسانيد الشاميين"، كتاب "التفسير" كبير جدًّا، كتاب "الأوائل"، كتاب "الرمي"، كتاب "المناسك"، كتاب "النوادر"، كتاب "دلائل النبوة" مجلد، كتاب "عشرة النساء"، وأشياء سوى ذلك لم نقف عليها، منها:"مسند عائشة"، "مسند أبي هريرة"، "مسند أبي ذر"، "معرفة الصحابة"، "العلم"، "الرؤية"، "فضل العرب"، "الجود"، "الفرائض"، "مناقب أحمد"، كتاب "الأشربة"، كتاب "الألوية في خلافة أبي بكر وعمر" وغير ذلك، وقد سمَّاها على الولاء الحافظ يحيى بن منده، وأكثرها مسانيد حفَّاظ وأعيان ولم نرها.
ولم يزل حديث الطبراني رائجًا نافقًا مرغوبًا فيه، ولا سيما في زمان صاحبه ابن ريذه، فقد سمع منه خلائق، وكتب السلفي عن نحو مائة نفس منهم، ومن أصحاب ابن فاذشاه، وكتب أبو موسى المديني، وأبو العلاء الهمذاني، عن عدة من بقاياهم، وازدحم الخلق على خاتمتهم فاطمة الجوزدانيه، الميتة في سنة أربع وعشرين وخمس مائة، وارتحل ابن خليل والضياء، وأولاد الحافظ عبد الغني، وعدة من المحدثين في طلب حديث الطبراني، واستجازوا من بقايا المشيخة لأقاربهم وصغارهم، وجلبوه إلى الشام ورووه ونشروه، ثم سمعه بالإجازة العالية ابن جعوان، والحارثي، والمزي، وابن سامة، والبرزالي، وأقرانهم، ورووه في هذا العصر، وأعلى ما بقي من ذلك بالاتصال معجمه الصغير، فلا تفوتوه -رحمكم الله.
وقد عاش الطبراني مائة عام وعشرة أشهر.
قال أبو نعيم الحافظ: توفي الطبراني لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستين وثلاث مائة بأصبهان، ومات ابنه أبو ذر في سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، عن نيف وستين سنة.
أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن العطار، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا علي بن سعيد بن فاذشاه، ومحمد بن أبي زيد قالا: أخبرنا محمود ابن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن محمد