للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الشعر فنزهه الله تعالى عن الشعر قال -تعالى: ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ﴾ [يس: ٦٩]، فما قال الشعر مع كثرته وجودته في قريش، وجريان قرائحهم به، وقد يقع شيء نادر في كلامه موزونا، فما صار بذلك شاعرا قط، كقوله:

أنا النبي لا كذب … أنا ابن عبد المطلب

وقوله:

هل أنت إلا إصبع دميت … وفي سبيل الله ما لقيت

ومثل هذا قد يقع في كتب الفقه والطب وغير ذلك مما يقع اتفاقا، ولا يقصده المؤلف ولا يشعر به، أفيقول مسلم قط: إن قوله تعالى: ﴿وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ [سبأ: ١٣]، هو بيت؟! معاذ الله وإنما صادف وزنا في الجملة، والله أعلم.

وقال في "السير" "١٣/ ٢٠٨":

المشركون والكتابيون وغيرهم عرفوا الله -تعالى- بمعنى أنهم لم يحجدوه، وعرفوا أنه خالقهم، قال -تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، وقال: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ١٠] فهؤلاء لم ينكروا البارئ، ولا جحدوا الصانع، بل عرفوه، وإنما جهلوا نعوته المقدسة، وقالوا عليه ما لا يعلمون، والمؤمن يعرف ربه بصفات الكمال، ونفى عنه سمات النقص في الجملة، وآمن بربه، وكف عما لا يعلم، فبهذا يتبين لك أن الكافر عرف الله من وجه، وجهله من وجوه، والنبيون عرفوا الله تعالى، وبعضهم أكمل معرفة لله، والأولياء فعرفوه معرفة جيدة، ولكنها دون معرفة الأنبياء، ثم المؤمنون العالمون بعدهم، ثم الصالحون دونهم. فالناس في معرفة ربهم متفاوتون، كما أن إيمانهم يزيد وينقص، بل وكذلك الأمة في الإيمان بنبيهم والمعرفة له على مراتب، فأرفعهم في ذلك أبو بكر الصديق مثلا، ثم عدد من السابقين، ثم سائر الصحابة، ثم علماء التابعين، إلى أن تنتهي المعرفة به والإيمان به إلى أعرابي جاهل وامرأة من نساء القرى، ودون كذلك وذلك القول في معرفة الناس لدين الإسلام.

وقال في "السير" "٨/ ١٤٥":

قال هارون بن عبد الله الحمال: ما رأيت أخشع لله من وكيع، وكان عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد أخشع منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>