قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب "مزكي الأخبار": أبو الحسن صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإمامًا في القراء والنحويين، أول ما دخلتُ بغداد كان يحضر المجالس وسنُّه دون الثلاثين، وكان أحد الحفَّاظ.
قلت: وَهِمَ الحاكم، فإن الحاكم إنّما دخل بغداد سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وسن أبي الحسن خمس وثلاثون سنة.
صنَّف التصانيف، وسار ذكره في الدنيا، وهو أوّل من صنَّف القراءات، وعقد لها أبوابًا قبل فرش الحروف.
تلا على أبي الحسين أحمد بن بويان، وأبي بكر النقاش، وأحمد بن محمد الديباجي، وعلي بن ذؤابة القزاز، وغيرهم، وسمع حروف السبعة من أبي بكر بن مجاهد، وتصدَّر في آخر أيامه للإقراء، لكن لم يبلغنا ذكر من قرأ عليه، وسأفحص عن ذلك -إن شاء الله تعالى.
قال ابن طاهر: له مذهب في التدليس، يقول فيما لم يسمعه من البغوي: قرئ على أبي القاسم البغوي، حدَّثكم فلان.
حدَّث عنه: الحافظ أبو عبد الله الحاكم، والحافظ عبد الغني، وتَمَّام بن محمد الرازي، والفقيه أبو حامد الإسفراييني وأبو نصر بن الجندي، وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو مسعود الدمشقي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو بكر البرقاني، وأبو الحسن العتيقي، وأحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني النحويّ، والقاضي أبو الطيب الطبري، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران، وأبو الحسن بن السمسار الدمشقي، وأبو حازم بن الفراء أخو القاضي أبي يعلى، وأبو النعمان تراب بن عمر المصري، وأبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو الحسين بن الآبْنُوسي محمد بن أحمد بن محمد، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حَسْنون النرسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وخلق سواهم من البغاددة، والدماشقة، والمصريين، والرحَّالين.
قال الحاكم: حجَّ شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذهل، فكان يصف حفظه وتفرَّده بالتقدم في سنة ثلاث وخمسين، حتى استنكرت وصفه إلي أن حججت في سنة سبع وستين، فجئت بغداد وأقمت بها أزيد من أربعة أشهر، وكثر اجتماعنا بالليل والنهار، فصادفته فوق ما وصفه ابن أبي ذهل، وسألته عن العلل والشيوخ، وله مصنفات يطول ذكرها.