للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حفصة، فإذا كَنّيته أبو سلمة، فلما أصبحت، حضرت مجلسه، ولم أذكر شيئًا حتى قرأت عليه نحو مائة حديث، قال: هل تفكَّرت فيما جرى? فقلت: نعم. هو محمد بن أبي حفصة، فتعجَّب، وقال لي: نظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري? فقلت: لا. وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحيِّر، وأثنى علي، ثم كنت أسأله، فقال: أنا إذا ذاكرت اليوم في باب لا بد من المطالعة لكبر سني. فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرًا، وقال لي: أعلم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدة تاريخ صنَّفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئًا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت "تاريخ النيسابوريين" فتأمَّلته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد، وصنَّف لأبي علي بن سيمجور كتابًا في أيام النبي ، وأزواجه وأحاديثه، وسمَّاه "الإكليل"، لم أر أحدًا رتَّب ذلك الترتيب، وكنت أسأله عن الضعفاء الذين نشئوا بعد الثلاث مائة بنيسابور وغيرها من شيوخ خراسان، وكان يبين من غير محاباة.

أخبرنا المؤمّل بن محمد وغيره كتابةً قالوا: أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: كان أبو عبد الله بن البيع الحاكم ثقةً، أول سماعه سنة ثلاثين وثلاث مائة، وكان يميل إلى التشيّع، فحدَّثني إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور، وكان صالحًا عالمًا قال: جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث، وزعم أنَّها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها حديث الطير، وحديث: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" (١) فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا إلى قوله.

أبو نعيم الحداد: سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا عبد الرحمن الشَّاذْيَاخي الحاكم يقول: كنَّا في مجلس السيد أبي الحسن، فسُئِلَ أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير، فقال: لا يصح، ولو صحَّ لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي .

فهذه حكاية قوية، فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك? فكأنه اختلف اجتهاده، وقد جمعت طرق حديث الطير في الجزء، وطرق حديث: من كنت مولاه وهو أصحّ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم عن علي قال: إنه لعهد النبي الأمي إلي: "إنه لا يحبك إلَّا


(١) صحيح بطرقه: ورد من حديث بريدة: عند أحمد "٥/ ٣٥٠، ٣٥٨، ٣٦١"، وابن أبي شيبة "١٢/ ٥٧"، وابن أبي عاصم "١٣٥٤"، والبزار "٢٥٣٥"، والحاكم "٢/ ١٢٩ - ١٣٠"، من طريق الأعمش عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه، به.
وورد عن زيد بن أرقم: عند أحمد "٤/ ٣٦٨، ٣٧٢"، والترمذي "٣٧١٣"، والحاكم "٣/ ١١٠"، وورد عن البراء بن عازب: عند ابن ماجه "١١٦"، وأحمد "٤/ ٢٨١"، وورد من حديث سعد بن أبي وقاص: عند ابن ماجه "١٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>