دبولوارة؛ وهي قبل الصنم بيومين، فأخذت عنوةً، وكسرت أصنامها، وهي كثيرة الفواكه، ثم نازلوا سومنات في رابع عشر ذي القعدة، ولها قلعة منيعة على البحر، فوقع الحصار، فنصبت السلالم عليها، فهرب المقاتلة إلى الصنم، وتضرعوا له، واشتد الحال وهم يظنون أن الصنم قد غضب عليهم، وكان في بيت عظيم منيع، على أبوابه الستور الديباج، وعلى الصنم من الحلي والجواهر ما لا يوصف، والقناديل تضيء ليلًا ونهارًا، على رأسه تاج لا يقوم، يندهش منه الناظر، ويجتمع عنده في عيدهم نحو مائة ألف كافر، وهو على عرش بديع الزخرفة؛ علو خمسة أذرع، وطول الصنم عشرة أذرع، وله بيت مال فيه من النفائس والذهب ما لا يحصى، ففرق محمود في الجند معظم ذلك، وزعزع الصنم بالمعاول، فخر صريعًا، وكانت فرقة تعتقد أنه منات، وأنه تحول بنفسه في أيام النبوة من ساحل جدة، وحصل بهذا المكان ليقصد ويحج معارضةً للكعبة. فلما رآه الكفار صريعًا مهينًا، تحسروا، وسقط في أيديهم، ثم أحرق حتى صار كلسًا، وألقيت النيران في قصور القلعة، وقتل بها خمسون ألفًا، ثم سار محمود لأسر الملك بهيم، ودخلوا بالمراكب، فهرب، وافتتح محمود عدة حصون ومدائن، وعاد إلى غزنة، فدخلها في ثامن صفر سنة سبع عشرة، ودانت له الملوك، فكانت مدة الغيبة مائةً وثلاثة وستين يومًا.
وفي سنة ثمان عشرة سار إلى بلخ، وجهز جيشه إلى ما وراء النهر في نصرة الخانية، وكان علي بن تكين قد أغار على بخارى، فضاق قدرخان به ذرعًا، واستنجد محمودًا، ففر ابن تكين، ودخل البرية. ثم حارب محمود الغز، وقبض على ابن سلجوق مقدمهم، فثارت الغز، وأفسدوا، وتفرغوا للأذى، وتعبت بهم الرعية، واستحكم الشر، وأقام محمود بنيسابور مدةً، ثم في عشرين قصد الري، وأخذها، وقبض على ملكها مجد الدولة بن بويه؛ وكان ضعيف التدبير، فضرب حتى حمل ألف ألف دينار، وصلب محمود أمراء من الديلم، وجرت قبائح وظلم. ثم جهز محمود ولده مسعودًا، فاستولى على أصبهان، ثم رجع السلطان إلى غزنة عليلًا، فمات في ربيع الأول سنة إحدى، وأمسى وقد فارقته الجنود، وتنكست لحزنه البنود، وناح عليه الوالد والمولود، وسكن ظلمة اللحود.
وقد خطب له بالغور وبخراسان والسند والهند، وناحية خوارزم وبلخ؛ وهي من خراسان، وبجرجان وطبرستان والري والجبال، وأصبهان وأذربيجان، وهمدان وأرمينية.
وكان مكرمًا لأمرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر ولا يكاد يقر. سار مرةً في خمسين ألف فارس، وفي مائةي فيل، وأربعين ألف جمازة تحمل ثقل العساكر، وكان يعتقد في الخليفة، ويخضع لجلاله، ويحمل إليه قناطير من الذهب، وكان إلبًا على القرامطة