وقال: الجاهل بالعالم يقتدي، فإذا كان العالم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو من نفسه? فالله الله يا أولادي! نعوذ بالله من علم يصير حجةً علينا.
قيل: إن عبد الرحيم بن القشيري جلس بجنب الشيخ أبي إسحاق، فأحس بثقل في كمه، فقال: ما هذا يا سيدنا? قال: قرصي الملاح، وكان يحملهما في كمه للتكلف.
قال السمعاني: رأيت بخط أبي إسحاق رُقعة فيها نسخة ما رآه أبو محمد المزيدي: رأيت في سنة ثمان وستين ليلة جمعة أبا إسحاق الفيروزآبادي في منامي يطير مع أصحابه في السماء الثالثة أو الرابعة، فتحيرت، وقلت في نفسي: هذا هو الشيخ الإمام مع أصحابه يطير وأنا معهم، فكنت في هذه الفكرة إذ تلقى الشيخ ملك، وسلم عليه عن الرب تعالى، وقال: إن الله يقرأ عليك السلام، ويقول: ما تدرس لأصحابك? قال: أدرس ما نقل عن صاحب الشرع. قال له الملك: فاقرأ علي شيئًا أسمعه. فقرأ عليه الشيخ مسألةً لا أذكرها. ثم رجع الملك بعد ساعة إلى الشيخ، وقال: إن الله يقول: الحق ما أنت عليه وأصحابك، فادخل الجنة معهم.
قال الشيخ أبو إسحاق: كنت أعيد كل قياس ألف مرة، فإذا فرغت، أخذت قياسًا آخر على هذا، وكنت أعيد كل درس ألف مرة، فإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت.
كان الوزير ابن جَهِير كثيرًا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدعوة.
قال السمعاني: لما خرج أبو إسحاق إلى نيسابور، خرج معه جماعة من تلامذته كأبي بكر الشاشي، وأبي عبد الله الطبري، وأبي معاذ الأندلسي، والقاضي علي الميانجي، وقاضي البصرة ابن فتيان، وأبي الحسن الآمدي، وأبي القاسم الزنجاني، وأبي علي الفارقي، وأبي العباس بن الرطبي.
قال ابن النجار: ولد أبو إسحاق بفيروزاباذ -بليدة بفارس- ونشأ بها، وقرأ الفقه بشيراز على أبي القاسم الداركي، وعلى أبي الطيب الطبري صاحب الماسرجسي، وعلى الزجاجي صاحب ابن القاص، وقرأ الكلام على أبي حاتم القزويني صاحب ابن الباقلاني، وخطه في غاية الرداءة.
قال أبو العباس الجرجاني القاضي: كان أبو إسحاق لا يملك شيئًا، بلغ به الفقر، حتى كان لا يجد قوتًا ولا ملبسًا، كنا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قومة، كي لا