قال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسحاق الحبال يمدح أبا نصر بن ماكولا، ويثني عليه، ويقول: دخل مصر في زي الكتبة، فلم نرفع به رأسًا، فلما عرفناه كان من العلماء بهذا الشأن.
قال أبو سعد السمعاني: كان ابن ماكولا لبيبًا، عالمًا، عارفًا، حافظًا، يرشح للحفظ حتى كان يقال له: الخطيب الثاني. وكان نحويًا مجودًا، وشاعرًا مبرزًا، جزل الشعر، فصيح العبارة، صحيح النقل، ما كان في البغداديين في زمانه مثله، طاف الدنيا، وأقام ببغداد.
وقال ابن النجار: أحب العلم من الصبا، وطلب الحديث، وكان يحضر المشايخ إلى منزلهم، ويسمع، ورحل وبرع في الحديث، وأتقن الأدب، وله النظم والنثر والمصنفات. نفذه المقتدي بالله رسولًا إلى سمرقند وبخارى لأخذ البيعة له على ملكها طمغان الخان.
قال هبة الله بن المبارك بن الدواتي: اجتمعت بالأمير ابن ماكولا، فقال لي: خذ جزئين من الحديث، فاجعل متون هذا لأسانيد هذا، ومتون الثاني لأسانيد الأول، حتى أردها إلى الحالة الأولى.
قال أبو طاهر السلفي: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب، فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال، إلَّا يرجع إلى كتابه.
قد مر أن الأمير كان يجيب في الحال، وهذا يدل على قوة حفظه، وأما الخطيب ففعله دال على ورعه وتثبته.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي: سألت شجاعًا الذهلي عن ابن ماكولا، فقال: كان حافظًا، فهمًا، ثقة، صنف كتبًا في علم الحديث.
قال المؤتمن الساجي الحافظ: لم يلزم ابن ماكولا طريق أهل العلم، فلم ينتفع بنفسه.
قلت: يشير إلى أنه كان بهيئة الأمراء وبرفاهيتهم.
قال الحافظ ابن عساكر: سمعت إسماعيل بن السمرقندي يذكر أن ابن ماكولا كان له غلمان ترك أحداث، فقتلوه بجرجان في سنة نيف وسبعين وأربع مائة.
وقال الحافظ ابن ناصر: قتل الحافظ ابن ماكولا، وكان قد سافر نحو كرمان ومعه مماليكه الأتراك، فقتلوه، وأخذوا ماله، في سنة خمس وسبعين وأربع مائة. هكذا نقل ابن النجار هذا.