للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هلك المعتضد سنة أربع وستين، وأربع مائة.

وخلفه المعتمد صاحب الترجمة، فكان فارسا شجاعًا، عالمًا أديبًا، ذكيًا شاعرًا، محسنًا جوادًا ممدحًا، كبير الشأن، خيرًا من أبيه. كان أندى الملوك راحةً، وأرحبهم ساحةً، كان بابه محط الرحال، وكعبة الآمال.

قال أبو بكر محمد بن اللبانة الشاعر: ملك المعتمد من مسورات البلاد مائتي مسور، وولد له مائة وثلاثة وسبعون ولدًا، وكان لمطبخه في اليوم ثمانية قناطير لحم، وكتابه ثمانية عشر.

قال ابن خلكان: كان الأذفونش قد قوي أمره، وكانت الملوك بالأندلس يصالحونه، ويحملون إليه ضرائب، وأخذ طليطلة في سنة ثمانٍ وسبعين بعد حصارٍ شديد، من القادر بن ذي النون، فكان ذلك أول وهنٍ دخل من الفرنج على المسلمين، وكان المعتمد يؤدي إليه، فلما تمكن، لم يقبل الضريبة، وتهدده، وطلب منه أن يسلم حصونًا، فضرب الرسول، وقتل من معه، فتحرك اللعين، واجتمع العلماء، واتفقوا على أن يكاتبوا الأمير أبا يعقوب بن تاشفين صاحب مراكش لينجدهم، فعبر ابن تاشفين بجيوشه إلى الجزيرة، ثم اجتمع بالمعتمد، وأقبلت المطوعة من النواحي، وركب الأذفونش في أربعين ألف فارس، وكتب إلى ابن تاشفين يتهدده، فكتب في ظهر كتابه: الذي يكون ستراه. ثم التقى الجمعان، واصطدم الجبلان بالزلاقة من أرض بطليوس، فانهزم الكلب، واستؤصل جمعه، وقل من نجا، في رمضان سنة تسعٍ وسبعين، وجرح المعتمد في بدنه ووجهه، وشهد له بالشجاعة والإقدام، وغنم المسلمون ما لا يوصف. وغدا ابن تاشفين.

ثم عبر في العام الآتي، وتلقاه المعتمد، وحاصرا حصنًا للفرنج، وترجل ابن تاشفين، فمر بغرناطة، فأخرج إليه صاحبها ابن بلكين تقادم وهدايا، وتلقاه، فغدر به، واستولى على قصره، ورجع إلى مراكش، وقد بهره حسن الأندلس وبساتينها، وحسن له أمراؤه أخذها، ووحشوا قلبه على المعتمد.

قال عبد الواحد بن علي: غلب المعتمد على قرطبة في سنة "٤٧١"، فأخرج منها ابن عكاشة، إلى أن قال: وجال ابن تاشفين في الأندلس يتفرج، مضمرًا أشياء، معظمًا للمعتمد، ويقول: نحن أضيافه وتحت أمره، ثم قرر ابن تاشفين خلقًا من المرابطين يقيمون بالأندلس، وأحب الأندلسيون ابن تاشفين، ودعوا له، وجعل عندهم بلجين قرابته، وقرر معه أمورًا، فهاجت الفتنة بالأندلس في سنة ثلاثٍ وثمانين، وزحف المرابطون، فحاصروا حصونًا للمعتمد، وأخذوا بعضها، وقتلوا ولده المأمون في سنة أربع، فاستحكمت الإحنة،

<<  <  ج: ص:  >  >>