للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو حامد: وهذا تسليم ورضا، ثم بعد هذا غلب عليه الهوى حبًا للرياسة، وعقد البنود، وأمر الخلافة ونهيها، فحملهم على الخلاف، فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنًا قليلًا، فبئس ما يشترون، وسرد كثيرًا من هذا الكلام الفسل الذي تزعمه الإمامية، وما أدرى ما عذره في هذا؟ والظاهر أنه رجع عنه، وتبع الحق، فإن الرجل من بحور العلم، والله أعلم.

هذا إن لم يكن هذا وضع هذا وما ذاك ببعيد، ففي هذا التأليف بلايا لا تتطبب، وقال في أوله: إنه قرأه عليه محمد بن تومرت المغربي سرًا بالنظامية، قال: وتوسمت فيه الملك.

قلت: قد ألف الرجل في ذم الفلاسفة كتاب "التهافت"، وكشف عوارهم، ووافقهم في مواضع ظنا منه أن ذلك حق، أو موافق للملة، ولم يكن له علم بالآثار ولا خبرة بالسنن النبوية القاضية على العقل، وحبب إليه إدمان النظر في كتاب "رسائل إخوان الصفا" وهو داء عضال، وجرب مرد، وسم قتال، ولولا أن أبا حامد من كبار الأذكياء، وخيار المخلصين، لتلف. فالحذار الحذار من هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل، وإلا وقعتم في الحيرة، فمن رام النجاة والفوز، فيلزم العبودية، وليدمن الاستغاثة بالله، وليبتهل إلى مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة، وسادة التابعين، والله الموفق، فيحسن قصد العالم يغفر له وينجو، إن شاء الله.

وقال أبو عمرو بن الصلاح: فصل لبيان أشياء مهمة أنكرت على أبي حامد:

ففي تواليفه أشياء لم يرتضاها أهل مذهبه من الشذوذ: منها قوله في المنطق: هو مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط به، فلا ثقة له بمعلوم أصلًا. قال: فهذا مردود، إذ كل صحيح الذهن منطقي بالطبع، وكم من إمام ما رع بالمنطق رأسًا.

فأما كتاب "المضنون به على غير أهله" فمعاذ الله أن يكون له، شاهدت على نسخة به بخط القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزورى أنه موضوع على الغزالي، وأنه مخترع من كتاب "مقاصد الفلاسفة"، وقد نقضه الرجل بكتاب "التهافت".

وقال أحمد بن صالح الجيلي في "تاريخه" أبو حامد لقب بالغزالي، برع في الفقه،

<<  <  ج: ص:  >  >>