للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم روى ابن النجار بسنده: أن والد أبي حامد كان يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، فأوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديقٍ له صوفي صالح، فعلمهما الخط، وفني ما خلف لهما أبوهما، وتعذر عليهما القوت، فقال: أرى لكما أن تلجآ إلى المدرسة كأنكما طالبان للفقه عسى يحصل لكما قوتٌ، ففعلا ذلك.

قال أبو العباس أحمد الخطيبي: كنت في حلقة الغزالي، فقال: مات أبي، وخلف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا ففني بحيث تعذر علينا القوت، فصرنا إلى مدرسة نطلب الفقه، ليس المراد سوى تحصيل القوت، فكان تعلمنا لذلك، لا لله، فأبى أن يكون إلَّا لله.

قال أسعد الميني: سمعت أبا حامد يقول: هاجرتا إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، فأقمت إلى أن أخذت عنه "التعليقة".

قال عبد الله بن علي الأشيري: سمعت عبد المؤمن بن علي القيسي، سمعت أبا عبد الله بن تومرت يقول: أبو حامد الغزالي قرع الباب وفتح لنا.

قال ابن النجار: بلغني أن إمام الحرمين قال: الغزالي بحر مغرقٌ، وإلكيا أسد مطرق، والخوافي نار تحرق.

قال أبو محمد العثماني، وغيره: سمعنا محمد بن يحيى العبدري المؤدب يقول: رأيت بالإسكندرية سنة خمس مائة كأن الشمس طلعت من مغربها، فعبره لي عابر ببدعة تحدث فيهم، فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب الغزالي من المرية.

وفي التوكل من "الإحياء" ما نصه: وكل ما قسم الله بين عباده من رزقٍ وأجلٍ، وإيمانٍ وكفر، فكله عدلٌ محض، ليس في الإمكان أصلًا أحسن ولا أتم منه، ولو كان وادخره تعالى مع القدرة ولم يفعله، لكان بخلًا وظلمًا.

قال أبو بكر بن العربي في "شرح الأسماء الحسنى": قال شيخنا أبو حامد قولًا عظيمًا انتقده عليه العلماء، فقال: وليس في قدرة الله أبدع من هذا العالم في الإتقان والحكمة، ولو كان في القدرة أبدع أو أحكم منه ولم يفعله، لكان ذلك منه قضاءً للجود، وذلك محال. ثم قال: والجواب أنه باعد في اعتقاد عموم القدرة ونفي النهاية عن تقدير المقدورات المتعلقة بها، ولكن في تفاصيل هذا العالم المخلوق، لا في سواه، وهذا رأي فلسفي قصدت به الفلاسفة قلب الحقائق، ونسبت الإتقان إلى الحياة مثلًا، والوجود إلى السمع والبصر، حتى لا يبقى في القلوب سبيلٌ إلى الصواب، وأجمعت الأمة على خلاف هذا الاعتقاد، وقالت عن بكرة أبيها: إن المقدورات لا نهاية لها لكل مقدر الوجود، لا لكل حاصل الوجود، إذ القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>