للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاول رد أصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطف جهده، حتى تم له ما لم يتم لغيره، وقد رأيت جملًا من دواوينه، ووجدت أبا حامد يعول عليه في أكثر ما يشير إليه من علوم الفلسفة.

وأما مذاهب الصوفية، فلا أدري على من عول فيها، لكني رأيت فيما علق بعض أصحابه أنه ذكر كتب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذلك كتب أبي حيان التوحيدي، وعندي أنه عليه عول في مذهب التصوف، وأخبرت أن أبا حيان ألف ديوانًا عظيمًا في هذا الفن، وفي "الإحياء" من الواهيات كثير. قال: وعادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، وقال الشافعي، فيما لم يثبت عندهم.

ثم قال: ويستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له، كقص الأظافر أن يبدأ بالسبابة، لأن لها الفضل على باقي الأصابع، لأنها المسبحة، ثم قص ما يليها من الوسطى، لأنها ناحية اليمين، ويختم بإبهام اليمنى، وروى في ذلك أثرًا.

قلت: هو أثر موضوع.

ثم قال: وقال: من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن البارئ قديم، مات مسلمًا إجماعًا. قال: فمن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون الإجماع في خلافه، فحقيق أن لا يوثق بما روى، ورأيت له في الجزء الأول يقول: إن في علومه ما لا يسوغ أن يودع في كتاب، فليت شعري أحقٌّ هو أو باطل?! فإن كان باطلًا، فصدق، وإن كان حقًا، وهو مراده بلا شك، فلم لا يودع في الكتب، ألغموضه ودقته?! فإن كان هو فهمه، فما المانع أن يفهمه غيره?!

قال أبو الفرج ابن الجوزي: صنف أبو حامد "الإحياء"، وملأه بالأحاديث الباطلة، ولم يعلم بطلانها، وتكلم على الكشف، وخرج عن قانون الفقه، وقال: إن المراد بالكوكب والقمر والشمس اللواتي رآهن إبراهيم، أنوار هي حجب الله ﷿، ولم يرد هذه المعروفات، وهذا من جنس كلام الباطنية، وقد رد ابن الجوزي على أبي حامد في كتاب "الإحياء"، وبين خطأه في مجلدات، سماه كتاب "الأحياء".

ولأبي الحسن ابن سكر رد على الغزالي في مجلد سماه: "إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء".

قلت: ما زال الأئمة يخالف بعضهم بعضًا، ويرد هذا على هذا، ولسنا ممن يذم العالم بالهوى والجهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>