وقال إبراهيم بن مهدي بن قلينا: كان شيخنا أبو بكر زهده وعبادته أكثر من علمه، وحكى بعض العلماء أن أبا بكر الطرطوشى أنجب عليه نحو من مائتي فقيه مفتي، وكان يأتي إلى الفقهاء وهم نيام، فيضع في أفواههم الدنانير، فيهبون، فيرونها في أفواههم.
قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: دخل الطرطوشى على الأفضل ابن أمير الجيوش بمصر، فبسط تحته مئزره، وكان إلى جانب الأفضل نصراني، فوعظ الأفضل حتى أبكاه، ثم أنشده:
يا ذا الذي طاعته قربة … وحقه مفترض واجب
إن الذي شرفت من أجله … يزعم هذا أنه كاذب
وأشار إلى ذلك النصراني، فأقام الأفضل النصراني من موضعه.
وقد صنف أبو بكر كتاب "سراج الملوك" للمأمون بن البطائحي الذي وزر بمصر بعد الأفضل، وله مؤلف في طريقة الخلاف، وكان المأمون قد نوه باسمه، وبالغ في إكرامه.
قيل: كان مولده في سنة إحدى وخمسين وأربع مائة
ودخل بغداد في حياة أبي نصر الزينبي، وأظنه سمع منه، وقال: رأيت بها آية في سنة ثمان وسبعين بعد العصر، فسمعنا دويًا عظيمًا، وأقبل ظلام، فإذا ريح لم أر مثلها، سوداء ثخينة، يبين لك جسمها، فاسود النهار، وذهبت آثاره، وذهب أثر الشمس، وبقينا كأننا في أشد ظلمة، لا يبصر أحد يده، وماج الناس، ولم نشك أنها القيامة، أوخسف، أو عذاب قد نزل، وبقى الأمر كذلك قدر ما ينضج الخبز، ورجع السواد حمرة كلهب النار، أو جمرًا يتوقد، فلم نشك حينئذ أنها نار أرسلها الله على العباد، وأيسنا من النجاة، ثم مكثت أقل من مكث الظلام، وتجلت بحمد الله عن سلامة، ونهب الناس بعضهم بعضًا في الأسواق، وخطفوا العمائم والمتاع، ثم طلعت الشمس، وبقيت ساعة إلى الغروب.
قلت: حدث عنه: أبو طاهر السلفي، والفقيه سلار بن المقدم، وجوهر بن لؤلؤ المقرئ، والفقيه صالح ابن بنت معافي المالكي، وعبد اللهبن عطاف الأزدي، ويوسف بن محمد القروي الفرضي، وعلي بن مهدي بن قلينا، وأبو طالب أحمد المسلم اللخمي، وظاهر بن عطية، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني، وعبد المجيد بن دليل، وآخرون.
وبالإجازة أبو طاهر الخشوعي وغيره، وله مؤلف في تحريم الغناء، وكتاب في الزهد،