وتعليقه في الخلاف، ومؤلف في البدع والحوادث، وبر الوالدين، والرد على اليهود، والعمد في الأصول، وأشياء.
أنبأنا ابن علان، عن الخشوعي، عن الطرطوشى: أنه كتب هذه الرسالة جوابًا عن سائل سأله من الأندلس عن حقيقة أمر مؤلف "الإحياء"، فكتب إلى عبد الله بن مظفر: سلام عليك، فإني رأيت أبا حامد، وكلمته، فوجدته امرءًا وافر الفهم والعقل، وممارسة للعلوم، وكان ذلك معظم زمانه، ثم خالف عن طريق العلماء، ودخل في غمار العمال، ثم تصوف، فهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم سابها، وجعل يطعن على الفقهاء بمذاهب الفلاسفة، ورموز الحلاج، وجعل ينتحي عن الفقهاء والمتكلمين، ولقد كاد أن ينسلخ من الدين.
قال الحافظ أبو محمد: إن محمد بن الوليد هذا ذكر في غيره هذه الرسالة كتاب "الإحياء". قال: وهو -لعمرو الله- أشبه بإماتة علوم الدين، ثم رجعنا إلى تمام الرسالة.
قال: فلما عمل كتابه "الإحياء" عمد فتكلم في علوم الأحوال، ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه، فلا في علماء المسلمين قر، ولا في أحوال الزاهدين استقر، ثم شحن كتابه بالكذب على رسول الله ﷺ فلا أعلم كتابًا على وجه بسيط الأرض أكثر كذبًا على الرسول منه، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ورموز الحلاج، ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم يرون النبوة اكتسابًا، فليس النبي عندهم أكثر من شخص فاضل، تخلق بمحاسن الأخلاق، وجانب سفسافها، وساس نفسه حتى لا تغلبه شهوة، ثم ساق الخلق بتلك الأخلاق، وأنكروا أن يكون الله يبعث إلى الخلق رسولًا، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق، ولقد شرف الله الإسلام، وأوضح حججه، وقطع العذر بالأدلة، وما "مثل" من نصر الإسلام بمذاهب الفلاسفة، والآراء المنطقية، إلا كمن يغسل الثوب بالبول، ثم يسوق الكلام سوقًا يرعد فيه ويبرق، ويمنى ويشوق، حتى إذا تشوفت له النفوس، قال: هذا من علم المعاملة، وما وراءه من علم المكاشفة لا يجوز تسطيره في الكتب، ويقول: هذا من سر الصدر الذي نهينا عن إفشائه. وهذا فعل الباطنية وأهل الدغل والدخل في الدين يستقل الموجود ويعلق النفوس بالمفقود، وهو تشويش لعقائد القلوب، وتوهين لما عليه كلمة الجماعة، فلئن كان الرجل يعتقد ما سطره، لم يبعد تكفيره، وإن كان لا يعتقده، فما أقرب تضليله.
وأما ما ذكرت من إحراق الكتاب، فلعمري إذا انتشر بين من لا معرفة له بمسمومه القاتلة،