في شيء، والأشعرية في شيء، وكان فيه تشيع، ورتب أصحابه، فمنهم العشرة، فهم أول من لباه، ثم الخمسين، وكان يسميهم المؤمنين، ويقول: ما في الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة الذين عني النبي ﷺ بقوله:"لا يزال أهل الغرب ظاهرين"(١) وأنتم تفتحون الروم، وتقتلون الدجال، ومنكم الذي يؤم بعيسى، وحدثهم بجزئيات اتفق وقوع أكثرها، فعظمت فتنة القوم به حتى قتلوا أبناءهم وإخوتهم لقسوتهم وغلظ طباعهم، وإقدامهم على الدماء، فبعث جيشًا، وقال: أقصدوا هؤلاء المارقين المبدلين الدين، فادعوهم إلى إماتة المنكر وإزالة البدع، والإقرار بالمهدي المعصوم، فإن أجابوا، فهم إخوانكم، وإلا فالسنة قد أباحت لكم قتالهم، فسار بهم عبد المؤمن يقصد مراكش، فالتقاه الزبير ابن أمير المسلمين، فكلموهم بالدعوة، فردوا أقبح رد، ثم انهزمت المصامدة، وقتل منهم ملحمة، فلما بلغ الخبر ابن تومرت، قال: أنجى عبد المؤمن؟ قيل: نعم. قال: لم يفقد أحد. وهون عليهم، وقال: قتلاكم شهداء.
قال الأمير عزيز في "أخبار القيروان": سمي ابن تومرت أصحابه بالموحدين، ومن خالفه بالمجسمين، واشتهر سنة خمس عشرة، وبايعته هرغة على أنه المهدي، فقصده الملثمون، فكسروا الملثمين، وحازوا الغنائم، ووثقت نفوسهم، وأتتهم أمداد القبائل، ووحدت هنتاتة، وهي من أقوى القبائل.
ثم قال عزيز: لهم تودد وأدب وبشاشة، ويلبسون الثياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يومًا من طراد ومثاقفة ونضال، وكان في القبائل مفسدون، فطلب ابن تومرت مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لا يصلح دينكم إلا بالنهي عن المنكر، فابحثوا عن كل مفسد، فانهوه، فإن لم ينته، فاكتبوا إلي أسماءهم، ففعلوا، ثم هدد ثانيًا، فأخذ ما تكرر من الأسماء، فأفردها ثم جمع القبائل، وحضهم على أنه لا يغيب منهم أحد، ودفع تلك الأسماء إلى البشير، فتأملها، ثم عرضهم رجلًا رجلًا، فمن وجند اسمه، رده إلى الشمال، ومن لم يجده، بعثه على اليمين، ثم أمر بتكتيف أهل الشمال، وقال لقراباتهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار، فلتقتل كل قبيلة أشقياءها، فقتلوهم، فكانت واقعة عجيبة، وقال: بهذا الفعل صح دينكم، وقوي أمركم.
وأهل العشرة هم: عبد المؤمن، والهزرجي، وعمرو بن يحيى الهنتاتى، وعبد الله البشير،
(١) صحيح: أخرجه مسلم "١٩٢٥"، من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا وتمامه: لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة".