مسلم" عند قبره ولده أبي عبد الله، ويوم تمامه عمل مأدبة وحلاوة كثيرة، وكان ابنه ولد في سنة خمس مائة، ونشأ، وصار إمامًا في اللغة والعلوم حتى ما كان يتقدمه كبير أحد في الفصاحة والبيان والذكاء، وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة وجريان اللسان، أملى جملة من شرح "الصحيحين"، وله تصانيف كثيرة مع صغر سنه، مات بهمذان، سنة ست وعشرين، وفقده أبوه، وسمعت أحمد بن حسن يقول: كنا مع الشيخ أبي القاسم، فالتفت إلى أبي مسعود الحافظ، فقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك، فهذا من كراماته.
إلى أن قال الحافظ أبو موسى: وله "التفسير" في ثلاثين مجلدًا، سماه "الجامع"، وله "تفسير" آخر في أربع مجلدات، وله "الموضح" في التفسير في ثلاث مجلدات، وكتاب "المعتمد" في التفسير عشر مجلدات، وكتاب "السنة" مجلد، وكتاب "سير السلف" مجلد ضخم، وكتاب "دلائل النبوة" مجلد، وكتاب "المغازي" مجلد، وأشياء كثيرة.
وقال محمد بن ناصر الحافظ: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن ابن أخي إسماعيل الحافظ، حدثني أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمى -وكان ثقة: أنه أراد أن ينحي عن سوأته الخرقة لأجل الغسل، قال: فجبذها إسماعيل بيده، وغطى فرجه. فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟!
قال أبو سعد السمعاني: أبو القاسم هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر، وهو إمام في التفسير والحديث واللغة والأدب، عارف بالمتون والأسانيد، كنت إذا سألته عن المشكلات، أجاب في الحال، وهب أكثر أصوله في آخر عمره، وأملى بالجامع قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس، وكان أبي يقول: ما رأيت بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين: إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن الساجي ببغداد.
قال أبو سعد: تلمذت له، وسألته عن أحوال جماعة، قال: ورأيته وقد ضعف، وساء حفظه.
وقال محمد بن عبد الواحد الدقاق: كان أبو القاسم عديم النظير، لا مثل له في وقته، كان ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد.
وقال أبو طاهر السلفي: هو فاضل في العربية ومعرفة الرجال.
وقال أبو عامر العبدرى: ما رأيت أحدًا قط مثل إسماعيل، ذاكرته، فرأيته حافظًا الحديث، عارفًا بكل علم، متفننًا، استعجل عليه بالخروج. روى السلفي هذا عن العبدري.