قلت: تواليفه نفيسة، وأجلها وأشرفها كتاب "الشفا" لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتعلة، عمل إمام لا نقد له في فن الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن قصده، وينفع بـ"شفائه"، وقد فعل، وكذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان، ونبينا -صلوات الله عليه وسلامه- غني بمدحة التنزيل عن الأحاديث، وبما تواتر من الأخبار عن الآحاد، وبالآحاد النظيفة الأسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نتشبع بالموضوعات؟ فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد، ولكن من لا يعلم معذور، فعليك يا أخي بكتاب "دلائل النبوة" للبيهقي، فإنه شفاء لما في الصدور وهدىً ونور.
وقد حدث عن القاضي خلق من العلماء، منهم الإمام عبد الله بن محمد الأشيري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، والحافظ خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن الحسن الجابري، وولده القاضي محمد بن عياض قاضي دانية.
ومن شعره:
انظر إلى الزّرع وخاماته … تحكي وقد ماست أمام الرّياح
كتيبةً خضراء مهزومةً … شقائق النّعمان فيها جراح
قال القاضي ابن خلكان: شيوخ القاضي يقاربون المائة، توفي في سنة أربع وأربعين وخمس مائة في رمضانها، وقيل: في جمادى الآخرة منها بمراكش، ومات ابنه في سنة خمس وسبعين وخمس مائة.
قال ابن بشكوال: توفي القاضي مغربًا عن وطنه في وسط سنة أربع.
وقال ولده القاضي محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة، ودفن بمراكش، سنة أربع.
قلت: بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت.
وفيها مات شاعر زمانه القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين الأرجاني قاضي تستر، والعلامة المصنف أبو جعفرك أحمد بن علي بن أبي جعفر البيهقي، والمسند بهراة أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق، ومحدث حلب أبو الحسن علي بن سليمان المرادي القرطبي.
أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أبي العباس المالكي بالإسكندرية قال: قرأت على محمد بن إبراهيم بن الجرج، عن عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحافظ، وأخبرني أبو القاسم