واشتد بإفريقية القحط، لا بل كان القحط عامًا، فقال المؤيد عماد الدين: فيها كان الغلاء العام من خراسان إلى العراق إلى الشام إلى بلاد المغرب.
وفي سنة ٤٤ كسر نور الدين محمود صاحب حلب الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية في ألف وخمس مائة منهم، وأسر مثلهم، ثم أخذ منهم حصن فامية. وكان جوسلين طاغية تل باشر قد ألهب المسلمين بالغارات، واستولى على إلبيرة وبهسنا ومرعش والراوندان وعين تاب وعزاز، فحاربه سلحدار نور الدين، فأسره جوسلين، فدس نور الدين جماعةً من التركمان، وقال: من جاءني بجوسلين فله ما طلب. فنزلوا بناحية عين تاب، وأغار عليهم جوسلين، وأخذ منهم امرأةً مليحةً، وافتضها تحت شجرة،، فكمن له التركمان، وأسروه، فأعطاهم نور الدين عشرة آلاف دينار، واستولى نور الدين على بلاده، واشتد القحط بالعراق عام أول، وزال في العام، ووزر ابن هبيرة، ونكثت فرنج السواحل، فشن أنر الغارات عليهم، وفعل مثله العرب والتركمان، حتى طلبوا تجديد الهدنة، وأن يتركوا بعض القطيعة. والتقى نور الدين الفرنج، فهزمهم، وقتل قائدهم البرنس أحد الأبطال، ومرض أنر بحوران ومات، ثم دفن بالمعينية.
ومات الحافظ صاحب مصر، وقام ولده الظافر، ووزر له ابن مصال، ثم اختلف المصريون، وقتل خلق.
وفي سنة ٥٤٥ ضايق نور الدين دمشق، فأذعنوا، وخطبوا له بها بعد ملكها، فخلع على ملكها، وطوقه، ورده إلى البلد، واستدعى الرئيس مؤيد الدين إلى مخيمه، وخلع عليه، ورد إلى حلب.
وفيها أخذ ركب العراق، وقل من نجا، وقتل ابن مصال الوزير، وغلب ابن السلار.
قال ابن الجوزي: جاء باليمن مطر كله دم.
وفي سنة ٤٦ عاود نور الدين محاصرة دمشق، وراسلهم نور الدين: إني أوثر إصلاح الرعية وجهاد الفرنج، فإن أعانني عسكركم على الغزو، فهو المراد. فنفروا، وامتنعوا، وخربت الغوطة، وعاث العسكر، وتحركت الفرنج إنجادًا لملك دمشق، فضاقت صدور الأخيار، وجرح خلق، ثم تحول نور الدين إلى البقاع لما جاءت جيوش الفرنج نجدةً، فطلبوا من دمشق مال القطيعة المبذولة لهم على ترحيل نور الدين، ثم عاد نور الدين إلى داريا، وبرز عسكر البلد، ووقعت المناوشة، وتصالحوا، ثم سار ملك دمشق مجير الدين إلى خدمة نور الدين إلى حلب، فأكرمه، وبقي كنائب لنور الدين بدمشق، وافتتح نور الدين أنطرطوس وتل