للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرسل إلينا ابنه يحيى، فيسرج لنا السراج، وربما يرسل إلينا طعامًا من منزله، وكان يصلي الفريضة بنا إمامًا، وكنت أقرأ عليه من حفظي من كتاب الخرقي غدوةً، ويقرأ عليه الحافظ عبد الغني من كتاب الهداية في الكتاب، وما كان أحد يقرأ عليه في ذلك الوقت سوانا، فأقمنا عنده شهرًا وتسعة أيام، ثم مات، وصلينا عليه ليلًا في مدرسته، ولم أسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه، ولا رأيت أحدًا يعظمه الناس للدين أكثر منه، وسمعنا عليه أجزاء يسيرة.

قرأت بخط الحافظ سيف الدين ابن المجد، سمعت محمد بن محمود المراتبي، سمعت الشيخ أبا بكر العماد Object يقول: كنت قرأت في أصول الدين، فأوقع عندي شكًا، فقلت: حتى أمضي إلى مجلس الشيخ عبد القادر، فقد ذكر أنه يتكلم على الخواطر، فمضيت وهو يتكلم، فقال: اعتقادنا اعتقاد السلف الصالح والصحابة. فقلت في نفسي: هذا قاله اتفاقًا، فتكلم ثم التفت إلى ناحيتي، فأعاده، فقلت، الواعظ قد يلتفت، فالتفت إلي ثالثةً، وقال: يا أبا بكر، فأعاد القول: ثم قال: قم قد جاء أبوك. وكان غائبًا، فقمت مبادرًا، وإذا أبي قد جاء.

وحدثنا أبو القاسم بن محمد الفقيه، حدثني شيخنا جمال الدين يحيى ابن الصيرفي، سمعت أبا البقاء النحوي قال: حضرت مجلس الشيخ عبد القادر، فقرؤوا بين يديه بالألحان، فقلت في نفسي: ترى لأي شيء ما ينكر الشيخ هذا? فقال: يجيء واحد قد قرأ أبوابًا من الفقه ينكر. فقلت في نفسي: لعل أنه قصد غيري، فقال: إياك نعني بالقول، فتبت في نفسي من اعتراضي، فقال: قد قبل الله توبتك.

وسمعت الإمام أبا العباس أحمد بن عبد الحليم، سمعت الشيخ عز الدين الفاروثي، سمعت شيخنا شهاب الدين السهروردي يقول: عزمت على الاشتغال بأصول الدين، فقلت في نفسي: أستشير الشيخ عبد القادر، فأتيته، فقال قبل أن أنطق: يا عمر، ما هو من عدة القبر، يا عمر، ما هو من عدة القبر.

قال الفقيه محمد بن محمود المراتبي: قلت للشيخ الموفق: هل رأيتم من الشيخ عبد القادر كرامةً? قال: لا أظن، لكن كان يجلس يوم الجمعة، فكنا نتركه ونمضي لسماع الحديث عند ابن شافع فكل ما سمعناه لم ننتفع به. قال الحافظ السيف: يعني لنزول ذلك.

قال شيخنا الحافظ أبو الحسين علي بن محمد: سمعت الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الفقيه الشافعي يقول: ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلَّا الشيخ عبد القادر، فقيل له: هذا مع اعتقاده، فكيف هذا? فقال: لازم المذهب ليس بمذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>