للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معاذ بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري السهروردي الشافعي الصوفي الواعظ، شيخ بغداد.

ولد تقريبًا بسهرورد في سنة تسعين وأربع مائة.

وقدم بغداد نحو سنة عشر، فسمع من أبي علي بن نبهان كتاب غريب الحديث، وسمع من زاهر الشحامي، وأبي بكر الأنصاري وجماعة، فأكثر، وحصل الأصول، وكان يعظ الناس في مدرسته.

أثنى عليه السمعاني كثيرًا، وقال: تفقه في النظامية، ثم هب له نسيم الإقبال والتوفيق، فدله على الطريق، وانقطع مدةً، ثم رجع، ودعا إلى الله، وتزهد به خلق، وبنى له رباطًا على الشط، حضرت عنده مرات، وانتفعت بكلامه، وكتبت عنه.

وقال عمر بن علي القرشي: هو من أئمة الشافعية، وعلم من أعلام الصوفية، ذكر لي أنه دخل بغداد سنة سبع، وسمع "غريب الحديث"، وتفقه على أسعد الميهني، وتأدب على الفصيحي، ثم آثر الانقطاع، فتجرد، ودخل البرية حافيًا، وحج، وجرت له قصص، وسلك طريقًا وعرًا في المجاهدة، ودخل أصبهان، وجال في الجبال، ثم صحب الشيخ حمادًا الدباس، ثم شرع في دعاء الخلق إلى الله، فأقبل الناس عليه، وصار له قبول عظيم، وأفلح بسببه أمةً صاروا سرجًا، وبنى مدرسةً ورباطين، ودرس وأفتى، وولي تدريس النظامية، ولم أر له أصلًا يعتمد عليه بـ"الغريب".

وقال ابن النجار: كان مطرحًا للتكلف في وعظه بلا سجع، وبقي سنين يستقي بالقربة بالأجرة، ويتقوت، ويؤثر من عنده، وكانت له خربةً يأوي إليها هو وأصحابه، ثم اشتهر، وصار له القبول عند الملوك، وزاره السلطان، فبنى الخربة رباطًا، وبنى إلى جانبه مدرسةً، فصار حمىً لمن لجأ إليه من الخائفين يجير من الخليفة والسلطان، ودرس بالنظامية سنة ٤٥، ثم عزل بعد سنتين، أملى مجالس، وصنف مصنفات … إلى أن قال: وصحب الشيخ أحمد الغزالي الواعظ، وسلكه.

قلت: قد أوذي عند موت السلطان مسعود، وأحضر إلى باب النوبي، فأهين، وكشف رأسه، وضرب خمس درر، وحبس مدةً لأنه درس بجاه مسعود.

قال ابن النجار: وأنبأنا يحيى بن القاسم، حدثنا أبو النجيب قال: كنت أدخل على الشيخ حماد وفي فتور، فيقول: دخلت علي وعليك ظلمة، وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد، فأنزل في دجلة أتقلب ليسكن جوعي، ثم اتخذت قربةً أستقي بها، فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>