للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجمعوا آراءكم لتعليم شخص معين بنص من الله ووليه، فتلقوا ما يلقيه إليكم من أوامره ونواهيه بقبول، فلا وربك لا تؤمنون حتى تحكموه فيما شجر بينكم ثم لا تجدوا في أنفسكم حرجًا مما قضى وتسلموا تسليمًا، فذلك الاتحاد بالوحدة التي هي آية الحق المنجية من المهالك، المؤدية إلى السعادة، إذ الكثرة علامة الباطل المؤدية إلى الشقاوة المخزية، فنعوذ بالله من زواله، وبالواحد من آلهة شتى، وبالوحدة من الكثرة، وبالنص والتعليم من الأدواء والأهواء، وبالحق من الباطل، وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة، إلَّا ما أريد به وجه الله، فتزودوا منها للأخرى، وخير الزاد التقوى، أطيعوا أميركم ولو كان عبدًا حبشيًا.

قال ابن العديم: كتب سنان إلى صاحب شيزر يعزيه بأخيه:

إنّ المنايا لا تطا بمنسمٍ … إلاّ على أكتاف أهل السّؤدد

فلئن صبرت فأنت سيد معشرٍ … صبروا وإن تجزع فغير مفنّد

هذا التّناصر باللسان ولو أتى … غير الحمام أتاك نصري باليد

وهي لأبي تمام.

وكتب سنان إلى صلاح الدين:

يا للرجال لأمرٍ هال مقطعه … ما مرّ قطّ على سمعي توقّعه

فإذا الذي بقراع السيف هدّدنا … لا قام مصرع جنبي حين تصرعه

قام الحمام إلى البازي يهدّده … واستيقظت لأُسود البرّ أضبعه

وقفت على تفصيل كتابكم وجمله، وعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن فيل، وبعوضة تعد في التماثيل، ولقد قالها من قبلك قوم، فدمرنا عليهم، وما كان لهم من ناصرين. أللحق تدحضون، وللباطل تنصرون?! وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. ولئن صدر قولك في قطع رأسي، وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض. وإن عدنا إلى الظاهر، وعدلنا عن الباطن فلنا في رسول الله أسوة حسنة: "ما أوذي نبي ما أوذيت" (١) وقد علمت ما جرى على عترته وشيعته، فالحال


(١) صحيح على شرط مسلم: ورد عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: "لقد أوذيت في الله، وما يؤذى أحد، وأخفت في الله، وما يخاف أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاثة من بين يوم وليلة، ومالي وبلال طعام يأكله ذو كبد، إلا ما يواري إبط بلال".
أخرجه ابن أبي شيبة "١١/ ٤٦٤" و"١٤/ ٣٠٠"، وأحمد "٣/ ١٢٠"، واللفظ له، وعبد بن حميد "١٣١٧"، والترمذي "٢٤٧٢"، وفي "الشمائل" "١٣٧"، وابن ماجه "١٥١"، وأبو يعلى "٣٤٢٣"، والبيهقي في "الشعب" "١٦٣٢"، والضياء في "المختارة" "١٦٣٣" و"١٦٣٤" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، به. وإسناده صحيح على شرط الشيخين خلا حماد بن سلمة فإنه على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>