للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن شداد: فكان -والله- كما قال، اختلفوا، واشتغل كل واحد بناحيته، وبعد، فكان الصلح مصلحةً.

قلت: من لطف الله لما تنازع بنو أيوب، واختلفوا يسر الله بنقص همة الأعداء، وزالت تلك الشهامة منهم.

وكتب القاضي الفاضل تعزيةً إلى صاحب حلب: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١]، ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: ١]، كتبت إلى مولانا الملك الظاهر أحسن الله عزاءه، وجبر مصابه، وجعل فيه الخلف من السلف في الساعة المذكورة، وقد زلزل المسلمون زلزالًا شديدًا، وقد حضرت الدموع المحاجر، وبلغت القلوب الحناجر، وقد ودعت أباك ومخدومي وداعًا لا تلاقي بعده، وقبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى الله وحده مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضيًا عن الله، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله. وبالباب من الجنود المجندة، والأسلحة المعمدة ما لم يدفع البلاء، ولا ما يرد القضاء، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلَّا ما يرضي الرب، وإنا بك يا يوسف لمحزونون. وأما الوصايا، فما تحتاج إليها، والآراء، فقد شغلني المصاب عنها، وأما لائح الأمر، فإنه إن وقع اتفاق، فما عدمتم إلَّا شخصه الكريم، وإن كان غير ذلك، فالمصائب المستقبلة أهونها موته.

وللعلم الشاتاني فيه قصيدة مطلعها:

أرى النّصر مقرونًا برايتك الصّفرا … فسر وأملك الدّنيا فأنت بها أحرى

وبعث إليه ابن التعاويذي بقصيدته الطنانة التي أولها:

إن كان دينك في الصّبابة ديني … فقف المطيّ برملتي يبرين

والثم ثرىً لو شارفت بي هضبه … أيدي المطيّ لثمته بجفوني

وانشد فؤادي في الظّباء معرّضًا … فبغير غزلان الصّريم جنوني

ونشيدتي بين الخيام وإنّما … غالطت عنها بالظّباء ألعين

للّه ما اشتملت عليه فتاتهم … يوم النّوى من لؤلؤٍ مكنون

من كلّ تائهةٍ على أترابها … في الحسن غانيةٍ عن التّحسين

خودٍ يرى قمر السماء إذا رنت … ما بين سالفةٍ لها وجبين

<<  <  ج: ص:  >  >>