للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمدحه، ولزم ركابه، فاستكتبه، وقربه، فكان القاضي الفاضل ينقطع بمصر لمهمات، فيسد العماد في الخدمة مسده.

صنف كتاب "خريدة القصر وجريدة العصر" ذيلًا على زينة الدهر للحظيري، وهي ذيل على "دمية القصر وعصرة أهل العصر" للباخرزي التي ذيل بها على "يتيمة الدهر" للثعالبي التي هي ذيل على "البارع" لهارون بن علي المنجم، فالخريدة مشتمل على شعراء زمانه من بعد الخمس مائة، وهو عشر مجلدات.

وله "البرق الشامي" سبع مجلدات، و"الفتح القسي في الفتح القدسي" مجلدان، وكتاب "السيل والذيل" مجلدان، و"نصرة الفترة" في أخبار بني سلجوق، و"ديوان رسائل" كبير، و"ديوانه" في أربع مجلدات.

وكان بينه وبين الفاضل مخاطبات ومكاتبات. قال مرةً للفاضل مما يقرأ منكوسًا: سر فلا كبا بك الفرس، فأجابه بمثله فقال: دام علا العماد.

قال ابن خلكان: ولم يزل العماد على مكانته إلى أن توفي صلاح الدين، فاختلت أحواله، فلزم بيته، وأقبل على تصانيفه.

قال الموفق عبد اللطيف: حكى لي العماد، قال: طلبني كمال الدين لنيابته في الإنشاء، فقلت: لا أعرف الكتابة، قال: إنما أريد منك أن تثبت ما يجري، فتخبرني به، فصرت أرى الكتب تكتب إلى الأطراف، فقلت: لو طلب مني أن أكتب مثل هذا، ما كنت أصنع? فأخذت أحفظ الكتب، وأحاكيها، وأروض نفسي، فكتبت إلى بغداد كتبًا، ولم أطلع عليها أحدًا، فقال كمال الدين يومًا: ليتنا وجدنا من يكتب إلى بغداد، ويريحنا، فقلت: أنا، فكتبت، وعرضت عليه، فأعجبه، واستكتبني، فلما توجه أسد الدين إلى مصر المرة الثالثة، صحبته.

قال الموفق: وكان فقهه على طريقة أسعد الميهني. ويوم تدريسه تسابق الفقهاء لسماع كلامه، وحسن نكته، وكان بطيء الكتابة، لكنه دائم العمل، وله توسع في اللغة لا النحو. توفي بعد ما قاس مهانات ابن شكر، وكان فريد عصره نظمًا ونثرًا، وقد رأيته في مجلس ابن شكر مزحومًا في أخريات الناس.

وقال زكي الدين المنذري: كان العماد جامعًا للفضائل: الفقه، والأدب، والشعر الجيد، وله اليد البيضاء في النثر والنظم. صنف تصانيف مفيدةً، وللسلطان الملك الناصر معه من الإغضاء والتجاوز والبسط وحسن الخلق ما يتعجب من وقوع مثله. توفي في أول رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مائة، ودفن بمقابر الصوفية .

<<  <  ج: ص:  >  >>