وكان شديد الملازمة لخدمة أخيه صلاح الدين، وما زال يتحيل حتى أعطاه العزيز دمشق، فكانت السبب في أن تملك البلاد، ولما جاءه بمنشورها ابن أبي الحجاج أعطاه ألف دينار، ثم جرت أمور يطول شرحها وقتال على الملك، ولو كان ذلك التعب والحرب جهادًا للفرنج لأفلح.
وتملك ابنه الأوحد خلاط، فقتل خلقًا من عسكرها.
قال الموفق: فقال لي بعض خواصة: إنه قتل في مدة ثمانية عشر ألفًا من الخواص كان يقتلهم ليلًا ويلقيهم في الآبار، فما أمهل واختل عقله ومات. وقد بعث إليه أبوه معزمًا ظنه جن. فتملك بعده الأشرف إلى أن قال: ورد العادل ورماح الفرنج في أثره حتى وصل دمشق ولم يدخلها، وشجعه المعتمد. وأما الفرنج فظنوا هزيمته مكيدة فرجعوا بعدما عاثوا وقصدوا دمياط. وقيل: عرض له ضعف ورعشة، واعتراه ورم الأنثيين، فمات بظاهر دمشق.
كانت خزانته بجعبر ورها ولده الحافظ ثم نقلها إلى دمشق، فحصلت في قبضة ولده المعظم، وكان قد مكر وحسن لأخيه العصيان ففعل، فبادر أبوه وحول الأموال.
وقد حدث العادل بجزء السابع من "المحامليات" عن السلفي، رواه عنه: ابنه؛ الصالح إسماعيل، والشهاب القوصي، وأبو بكر ابن النشبي، ومات وفي خزانته سبع مائة ألف دينار عينًا.
توفي بعالقين في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وست مائة، ودفن بالقلعة أربع سنين في تابوت ثم نقل إلى تربته.
وخلف عدة أولاد: الكامل صاحب مصر، والمعظم صاحب دمشق، والأشرف صاحب أرمينية ثم دمشق، والصالح عماد الدين، وشهاب الدين غازيًا صاحب ميافارقين، وآخر من مات منهم: تقي الدين عباس، وعاشت بنته مؤنسة بنت العادل بمصر إلى سنة ثلاث وتسعين وست مائة، وحدثت بإجازة عفيفة.
قال ابن خلكان: كان مائلًا إلى العلماء، حتى لصنف له الرازي كتاب "تأسيس التقديس"، فذكر اسمه في خطبته.