قال ابن النجار: كان إمام الحنابلة بجامع دمشق، وكان ثقة، حجة، نبيلًا، غزير الفضل، نزهًا، ورعًا، عابدًا، على قانون السلف، عليه النور والوقار، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه.
وقال عمر بن الحاجب: هو إمام الأئمة، ومفتي الأمة، خصه الله بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنت بذكره الأمصار وضنت بمثله الأعصار، أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية. إلى أن قال: وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثله، متواضع، حسن الاعتقاد، ذو أناة وحلم ووقار، مجلسه معمور بالفقهاء والمحدثين، وكان مثير العبادة، دائم التهجد، لم نر مثله، ولم ير مثل نفسه.
وعمل الشيخ الضياء "سيرته" في جزأين، فقال: كان تام القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج، كأن النور يخرج من وجهه لحسنه، واسع الجبين، طويل اللحية قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، ممتعًا بحواسه.
أقام هو والحافظ ببغداد أربع سنين، فأتقنا الفقه والحديث والخلاف، أقاما عند الشيخ عبد القادر خمسين ليلة، ومات، ثم أقاما عند ابن الجوزي، ثم انتقلا إلى رباط النعال، واشتغلا على ابن المني. ثم سافر في سنة سبع وستين ومعه الشيخ العماد، وأقاما سنة.
قال الحافظ الضياء: رأيت أحمد بن حنبل في النوم، فألقى علي مسألة، فقلت: هذه في الخرقي، فقال: ما قصر صاحبكم الموفق في شرح الخرقي.
قال الضياء: كان ﵀ إمامًا في التفسير، وفي الحديث ومشكلاته، إمامًا في الفقه، بل أوحد زمانه فيه، إمامًا في علم الخلاف، أوحد في الفرائض، إمامًا في أصول الفقه، إمام في النحو والحساب والأنجم السيارة، والمنازل.