للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمعت داود بن صالح المقرئ، سمعت ابن المني يقول -وعنده الإمام الموفق: إذا خرج هذا الفتى من بغداد احتاجت إليه.

وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: كان شيخنا ابن المني يقول للموفق: إن خرجت من بغداد لا يخلف فيها مثلك.

وسمعت محمد بن محمود الأصبهاني يقول: ما رأى أحد مثل الشيخ الموفق.

وسمعت المفتي أبا عبيد الله عثمان بن عبد الرحمن الشافعي يقول عن الموفق: ما رأيت مثله، كان مؤيدًا في فتاويه.

وسمعت المفتي أبا بكر محمد بن معالي بن غنيمة يقول: ما أعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلَّا الموفق.

وسمعت الحافظ أبا عبد الله اليونيني يقول: أما ما علمته من أحوال شيخنا وسيدنا موفق الدين، فإنني إلى الآن ما أعتقد أن شخصاُ ممن رأيته حصل له من الكمال في العلوم والصفات الحميدة التي يحصل بها الكمال سواه، فإنه كان كاملًا في صورته ومعناه من حيث الحسن والإحسان والحلم والسؤدد والعلوم المختلفة والأخلاق الجميلة، رأيت منه ما يعجز عنه كبار الأولياء، فإن رسول الله قال: "ما أنعم الله على عبد نعمة أفضل من أن يلهمه ذكره". فقلت بهذا: إن إلهام الذكر أفضل من الكرامات، وأفضل الذكر ما يتعدى إلى العباد، وهو تعليم العلم والسنة، وأعظم من ذلك وأحسن ما كان جبلة وطبعًا؛ كالحلم والكرم والعقل والحياء، وكان الله قد جبله على خلق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغًا، وأسبغ عليه النعم، ولطف به في كل حال.

قال الضياء: كان الموفق لا يناظر أحدًا إلَّا وهو يبتسم.

قلت: بل أكثر من عاينا لا يناظر أحدًا إلَّا وينسم.

وقيل: إن الموفق ناظر ابن فضلان الشافعي الذي كان يضرب به المثل في المناظرة، فقطعه.

وبقي الموفق يجلس زمانًا بعد الجمعة للمناظرة، ويجتمع إليه الفقهاء، وكان يشغل (١) إلى ارتفاع النهار، ومن بعد الظهر إلى المغرب، ولا يضجر، ويسمعون عليه، وكان يقرئ في


(١) يشغل: يدرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>