للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: العجب من أبي شامة ينقل أيضًا هذا ولا يبالي بما يقول.

وقال أبو المظفر: نزل خوارزم شاه في أربع مائة ألف قاصدًا بغداد فاستعد الناصر، وفرق الأموال والعدد، ونفذ إليه رسولًا السهروردي، فأهانه فاستوقفه ولم يجلسه، وفي الخدمة ملوك العجم. قال: وهو شاب على تخت، وعليه قباء يساوي خمسة دراهم، وعلى رأسه قبع جلد يساوي درهمًا، فسلمت فما رد، فخطبت وذكرت فضل بني العباس، وعظمت الخليفة والترجمان يعيد عليه، فقال للترجمان: قل هذا الذي يصفه: ما هو في بغداد، بلى أما أقيم خليفة كما تصف، وردنا بلا جواب. ونزل ثلج عظيم فهلكت خيلهم وجاعوا، وكان معه سبعون ألفًا من الخطا، فصرفه الله عن بغداد، وقيل: إنه قال: أنا من آذيت أحدًا من بني العباس? بل في جيش الخليفة خلق منهم، فأعد هذا على مسامع الخليفة، ومنعه الله بثلوج لا توصف.

وفيها أقبلت جيوش الفرنج لقصد بيت المقدس والأخذ بالثأر، ووصلوا إلى بيسان، وتأخر العادل فتبعوه، ونزل بمرج الصفر واستحث العساكر والملوك وضج الخلق بالدعاء وكانت هدنة فانفسخت ونهبت الفرنج بلاد الشام ووصلوا إلى الخربة، وحاصروا قلعة الطور التي بناها المعظم مدة، وعجزوا عنها، ورجعوا فجاء المعظم، وخلع على من بها، ثم اتفق هو وأبوه على هدمها، وأخذت خمس مائة من الفرنج جزين وفر رجالها في الجبل، ثم بيتوا الفرنج، فاستحر بهم القتل حتى ما نجا من الفرنج سوى ثلاثة. وبادرت الفرنج إلى قصد مصر لخلوها من العساكر، وأشرف الناس على التلف، وما جسر العادل على الملتقى لقلة من عنده من العساكر، فتقهقر.

ودخلت سنة ٦١٥: فنازلت الفرنج دمياط، وأقبل الكامل ليكشف عنها، فدام الحصار أربعة أشهر، ومات العادل، وخلص واستراح.

وفيها كسر الأشرف صاحب الروم، ثم أقبل وأخذ معه عسكر حلب مغيرًا على سواحل الفرنج.

وأخذت الفرنج برج السلسلة من دمياط، وهو قفل على مصر؛ برج عظيم في وسط النيل، فدمياط بحذائه، والجيزة من الحافة الغربية، وفيه سلسلتان تمتد كل واحدة على وجه النيل إلى سور دمياط، وإلى الجيزة، يمنعان مركبًا بدخل من البحر في النيل، وعدت الفرنج إلى بر دمياط، ففر العساكر من الخيام، فطمع العدو، ثم كر عليهم الكامل فطحنهم، فعادوا إلى دمياط.

<<  <  ج: ص:  >  >>