روى عنه ابن الدبيثي، فقال: كان له معرفة حسنة بالنحو واللغة، وأنسة بالحديث، فقيهًا على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ "صحيح مسلم" جميعه، وإنه قرأه شيخ بالمغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة.
ولابن عتين فيه:
دحية لم يعقب فلم تعتزي … إليه بالبهتان والإفك
ما صح عند الناس شيء سوى … أنك من كلب بلا شك
قلت: كان هذا الرجل صاحب فنون وتوسع ويد في اللغة، وفي الحديث على ضعف فيه.
قال ابن مسدي: رأيت بخطه أنه سمع قبل سنة سبعين من جماعة؛ كأبي بكر بن خليل، واللواتي، وابن حنين. قال: وليس ينكر عليه، ثم لم يزل يسمع حتى سمع من أقرانه، وحصل ما لم يحصله غيره.
قال الضياء: لقيته بأصبهان، ولم أسمع منه، ولم يعجبني حاله؛ كان كثير الوقيعة في الأئمة. وأخبرني إبراهيم السنهوري بأصبهان: أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه.
قال الضياء: وقد رأيت منه غير شيء، مما يدل على ذلك.
وقال ابن نقطة: كان موصوفًا بالمعرفة والفضل ولم أره، إلَّا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها، ذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام ثقة، قال: نزل عندنا ابن دحية فكان يقول: أحفظ "صحيح مسلم" و"الترمذي" قال: فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي، وخمسة من "المسند" وخمسة من الموضوعات، فجعلتها في جزء، ثم عرضت عليه حديثًا من الترمذي، فقال: ليس بصحيح، وآخر، فقال: لا أعرفه، ولم يعرف منها شيئًا!
وقال ابن واصل الحموي: كان ابن دحية -مع فرط معرفته بالحديث وحفظه الكثير له- متهمًا بالمجازفة في النقل، وبلغ ذلك الملك الكامل فأمره أن يعلق شيئًا على كتاب الشهاب، فعلق كتابًا تكلم فيه على أحاديثه وأسانيده، فلما وقف الكامل على ذلك خلاه أيامًا وقال: ضاع ذاك الكتاب فعلق لي مثله. ففعل، فجاء الثاني فيه منتقضة للأول، فعلم السلطان صحة ما قيل عنه، ونزلت مرتبته عنده، وعزله من دار الحديث التي أنشأها آخرًا، وولاها أخا أبا عمرو.