إنشاء البنية العظيمة. وقيل: كان لا يجسر أحد أن يخاطبه ابتداء. وقيل: كان فصيحًا، حسن المحاورة عظيم السطوة، تعلل ووقعت الآكلة في فخذه، ثم اعتراه إسهالٌ، فتوفي ليلة النصف من شعبان، سنة سبع وأربعين وست مائة بقصر المنصورة مرابطًا، فأخفوا موته، وأنه عليل حتى أقدموا ابنه الملك المعظم تورانشاه من حصن كيفا، ثم نقل، فدفن بتربته بالقاهرة، وكان بنو شيخ الشيوخ قد ترقوا لديه، وشاركوه في المملكة، وقد غضب مدة على فخر الدين يوسف، ثم أطلقه وصيره نائب السلطنة؛ لنبله، وكمال سؤدده، وكان جوادًا محببًا إلى الناس، إلَّا أنه كان يتناول النبيذ.
ولما مات السلطان عين فخر الدين للسلطنة فجبن ونهض بأعباء الأمور، وساس الجيش، وأنفق فيهم مائتي ألف دينار، وأحضر توارنشاه، وسلطنه. ويقال: إن تورانشاه هم بقتله. واتفق حركة الفرنج وتأخر العساكر، فركب فخر الدين في السحر، وبعث خلف الأمراء ليركبوا، فساق في طلبه فدهمه طلب الداوية، فحملوا عليه فتفلل عنه أجناده، وطعن، وقتل، ونهبت غلمانه أمواله وخيله، فراح كأن لم يكن.
قال ابن عمه سعد الدين: كان الضباب شديدًا فطعن وجاءته ضربة سيف في وجهه، وقتل معه جمداره وعدة، وتراجع المسلمون فأوقعوا بالفرنج، وقتلوا منهم ألفًا وست مائة فارس، ثم خندقت الفرنج على نفوسهم. قال: وأخربت دار فخر الدين ليومها، وبالأمس كان يصطف على بابها عصائب سبعين أميرًا. قتل: في رابع ذي القعدة سنة سبع، وله خمس وستون سنة.