للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن النجار: قدم طالبًا سنة خمس وست مائة، فسمع الكثير، وقرأ الفقه والأصول، ثم سافر إلى خراسان، وعاد مجتازًا إلى الشام، ثم حج.

قلت: وسمع منه الإربلي الذهبي "السنن الكبير" كله في سنة اثنتين وثلاثين.

قال: وقدم بغداد سنة أربع وثلاثين، ونزل بالنظامية، وحدث "بالسنن الكبير" و"بالغريب" للخطابي، وهو من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم، له فهم ثاقب، وتدقيق في المعاني، وله تصانيف عدة ونظم ونثر.

إلى ن قال: وهو زاهد متورع كثير العبادة، فقير مجرد، متعفف نزه، قليل المخالطة، حافظ لأوقاته، طيب الأخلاق، كريم متودد، ما رأيت في فنه مثله، أنشدني لنفسه:

من كان يرغب في النجاة فما له … غير اتباع المصطفى فيما أتى

ذاك السبيل المستقيم وغيره … سبل الضلالة والغواية والردى

فاتبع كتاب الله والسنن التي … صحتن فذاك إن أتبعت هو الهدى

ودع السؤال بلم وكيف فإنه … باب يجر ذوي البصيرة للعمى

الدين ما قال الرسول وصحبه … والتابعون ومن مناهجهم قفا

قال ابن الحاجب: سألت الضياء عن المرسي، فقال: فقيه مناظر نحوي من أهل السنة، صحبنا في الرحلة، وما رأينا منه إلَّا خيرًا.

وقال أبو شامة: كان متفننًا محققًا، كثير الحج، مقتصدًا في أموره، كثير الكتب محصلًا لها، وكان قد أعطي قبولًا في البلاد.

وقال ياقوت: هو أحد أدباء عصرنا، تكلم على المفصل للزمخشري، وأخذ عليه سبعين موضعًا، وهو عذري الهوى، عامري الجوى، كل وقت له حبيب، ومن كل حسن له نصيب. رحل إلى خراسان، وقدم بغداد وأقام بدمشق وبحلب، ورأيته بالموصل، ثم يتبع من يهواه إلى طيبه، وأخبرني أنه ولد بمرسية سنة سبعين، وهو من بيت كبير وحشمة، وانتقل إلى مصر، وقد لزم النسك والانقطاع، وكان له في العلوم نصيب وافر، يتكلم فيها بعقل صائب، وذهن ثاقب، وأخبرني في سنة ٦٢٦ أنه قرأ القرآن على غلبون بن محمد المرسي صاحب ابن هذيل، وعلي بن الشريك، وقرأ الفقه والنحو والأصول، ثم ارتحل إلى مالقة سنة تسعين، فقرأ على أبي إسحاق بن إبراهيم بن يوسف بن دهاق، ويعرف بابن المرأة. قال: ولم يكن بالأندلس في فنه مثله، يقوم بعلم التفسير وعلوم الصوفية، كان لو قال: هذه الآية تحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>