تفقهت مع فلان في "كتاب سيبويه" وقدمت إسكندرية في صفر سنة أربع وست مائة، ووصل مكة في رجبها، فسمع بها، وقدم بغداد، فأقام بها نحو عامين يشتغل بالعقليات، وسمع بواسط من ابن المندائي "المسند"، فمات في أثناء القراءة، ثم رحل إلى همذان سنة سبع، وإلى نيسابور وهراة وبحث مع العميدي في "الإرشاد" ومع القطب المصري، وقرأ على المعين الجاجرمي تعاليقه في الخلاف، ودخل مرو وأصبهان، وقرأ بدمشق على الكندي "كتاب سيبويه"، وحج مرات، وشرع في عمل تفسير، وله كتاب "الضوابط" في النحو، وبدأ بكتاب في الأصلين، وصنف كتابًا في البلاغة والبديع، وأملى علي "ديوان المتنبي". إلى أن قال: وأنشدني لنفسه وقد تماروا عنده في الصفات:
من كان يرغب في النجاة فما له … غير اتباع المصطفى فيما أتى
وذكر أبيات.
قال: وأنشدني لنفسه:
أبثك ما في القلب من لوعة الحب … وما قد جنت تلك اللحاظ على لبي
أعارتني السقم التي بجفونها … ولكن غدا سقمي على سقمها يربي
قلت:
وله أبيات رقيقة هكذا، وكان بحر معارف، ﵀.
قرأت بخط الكندي في تذكرته أن كتب المرسي كانت مودعة بدمشق، فرسم السلطان ببيعها، فكانوا في كل ثلاثاء يحملون منها جملة إلى دار السعادة، ويحضر العلماء، وبيعت في نحو من سنة، وكان فيها نفائس، وأحرزت ثمنًا عظيمًا، وصنف تفسيرًا كبيرًا لم يتمه. قال: واشترى الباذرائي منها جملة كثيرة.
وقال الشريف عز الدين في الوفيات: توفي المرسي في ربيع الأول، سنة خمس وخمسين وست مائة، وفي منتصفه بالعريش، وهو متوجه إلى دمشق، فدفن بتل الزعقة، وكان من أعيان العلماء، ذا معارف متعددة، وله مصنفات مفيدة.
قلت: تأخر من رواته يوسف الختني بمصر، وأيوب الكحال بدمشق.
وفيها توفي: إبراهيم بن أبي بكر الحمامي الزعبي صاحب ابن شاتيل، والمفتي عماد الدين إسماعيل بن هبة الله بشر بن باطيش الموصلي، والسلطان الملك المعز أيبك التركماني قتلته زوجته شجر الدر وقتلت، والعلامة نجم الدين عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحسن
الباذرائي، رسول الخلافة، والمعمر المحدث تقي الدين عبد الرحمن اليلداني، والمحدث محمد ابن إبراهيم بن جوبر البلنسي، والعلامة التاج محمد بن الحسين الأرموي صاحب "المحصول".