وانتقد ﵀ أحاديث في "المسند" لم ترد في "الصحيحين" فقال في "السير""٩/ ٢٨٤": في الصحيحين أحاديث قليلة ليست في "المسند"، لكن قد يقال: لا ترد على قوله، فإن المسلمين ما اختلفوا فيها، ثم ما يلزم من هذا القول: أن ما وجد فيه أن يكون حجة، فيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها، ولا يجب الاحتجاج بها، وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة، ولكنها قطرة في بحر. وفي غضون "المسند" زيادات جمة لعبد الله بن أحمد.
وينتقد الأحاديث التي وردت في كتاب "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزالي؛ فقال في "السير""١٤/ ٢٧٦": كتاب "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزالي فيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب، ورسوم، وزهد من طرائق الحكماء، ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علما نافعا.
وتراه ينتقد أحاديث سنن ابن ماجه؛ فقال في "السير""١٠/ ٣٧٤": قد كان ابن ماجه حافظا ناقدا صادقا، واسع العلم، وإنما غض من رتبة "سننه" ما في الكتاب من المناكير، وقليل من الموضوعات. وفيه أحاديث لا تقوم بها حجة نحو الألف.
وكثيرا ما يورد الحافظ -رحمه الله تعالى- في تراجم علماء الحديث ورواته أحاديث رووها بأسانيد لأنفسهم، فيعقب الحافظ عليها فيقول مثلا: إسناده واه، أو إسناده ضعيف، أو إسناده صحيح، ونحو ذلك. وقد وقع هذا كثيرا في تراجم رواة الأحاديث ولا يترك الحافظ هاتيك الأحاديث دون نقد لها، أو حكم على أسانيدها فكثير ما يقول: هذا حديث صحيح، أو ضعيف، أو موضوع.
وهذا وفق ما يراه من حال هاتيك الأحاديث التي سبر حالها فقال ﵀ في "السير": في "٣/ ٤٤٧ - ٤٤٨": قيل: إن كل حديث فيه يا حميراء، لم يصح، وأوهى ذلك تشميس الماء، وقول النبي ﷺ لها:"لا تفعلي يا حميراء، فإنه يورث البرص". فإنه خبر موضوع.
لذا فقد قال الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني ﵀: أعجبني منه ما يعانيه في تصانيف من أنه لا يتعدى حديثا يورده حتى يتبين ما فيه من ضعف متن، أو ظلام إسناد، أو طعن في رواته، وهذا لم أر غيره يراعى هذه الفايدة فيما يورده. وأورد هذا الحافظ صلاح الدين الصفدي، تلميذ الذهبي في كتابه "الوافي بالوفيات""٢/ ١٦٣".