وتراه يرجح بين راو حافظ، وراو آخر من معاصريه، فقال في "السير""٧/ ١٠٧": كان حماد بن سلمة بحرا من بحور العلم، وله أوهام في سعة ما روى، وهو صدوق، حجة -إن شاء الله- وليس هو في الإتقان كحماد بن زيد، وتحايد البخاري إخراج حديثه إلا حديثا خرجه في الرقاق، فقال: قال لي أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي. ولم ينحط حديثه عن رتبة الحسن. ومسلم روى له في الأصول، عن ثابت وحميد، لكونه خبيرا بهما.
ثم عقد الحافظ الذهبي ﵀ فصلا في "السير""٧/ ١١٨" وهو في غاية الأهمية لكل علماء الحديث وطلابه في التمييز بين الحمادين: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وفي التمييز بين السفيانين: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة. وهذا يبين سعة علمه ﵀ وعلو كعبه في علوم الحديث.
كما انتقد الحافظ ﵀ بعض علماء الجرح والتعديل في توثيق الرجال وتجريحهم فقال ﵀ في "السير""٧/ ٥٨٣": كان يحيى بن سعيد القطان متعنتا في نقد الرجال، فإذا رأيته قد وثق شيخا، فاعتمد عليه، أما إذا لين أحدا فتأن في أمره حتى ترى قول غيره فيه، فقد لين مثل إسرائيل، وهمام وجماعة احتج بهم الشيخان.
وقال في "الميزان""١/ ٦١":
لا يلتفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه في الجرح رهقا.
وقال في "السير""٧/ ٥٩٩":
وهم أبو حاتم حيث حكى أن البخاري تكلم في أبي تميلة، ومشى على ذلك أبو الفرج ابن الجوزي. ولم أر ذكرا لأبي تميلة في كتاب "الضعفاء" للبخاري لا في الكبير ولا الصغير. ثم إن البخاري قد احتج بأبي تميلة، وقد كان محدث مرو مع الفضل ابن موسى السيناني.
ويبين الحافظ ﵀ متن يرد حديث المختلط، فيقول -رحمه الله تعالى- في "السير""٨/ ٣٦٥": كل تغير يوجد في مرض الموت، فليس بقادح في الثقة، فإن غالب الناس يعتريهم في المرض الحاد نحو ذلك، ويتم لهم وقت السياق وقبله أشد من ذلك، وإنما المحذور أن يقع الاختلاط بالثقة، فيحدث في حال اختلاطه بما يضطرب في إسناده، أو متنه، فيخالف فيه.