للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: يرى أن عقد الإجارة ينفسخ بموت العاقدين أو أحدهما:

وإليه ذهب الحنفية في الجملة، والظاهرية، والزيدية.

وقيَّد الحنفية هذا الحكم إذا كان قد عقدها لنفسه، أما إذا كان العاقد هو الحاكم أو نائبه أو الناظر؛ سواء كان الواقف أو من شرط له النظر وكان الوقف على غيره، فإنهم يذهبون إلى ما ذهب إليه القول الأول (١)، وقال الحنفية: إذا كان المؤجر غير الواقف فإن الإجارة لا تبطل بموته؛ سواء كان من المستحقين أم من غيرهم، وسواء كان هو القاضي أم أمينه (٢)، قولًا واحدًا، وعلل ذلك في الإسعاف بأنها (أي الإجارة) وقعت للوقف، وأنها لا تنفسخ، كما في حالة موت الوكيل المؤجر أو القاضي (٣).

وإذا كان المؤجر هو الواقف فإن فقهاء الحنفية قد انقسموا في ذلك على رأيين؛ أحدهما: يرى أن في حكم هذه المسألة قياس إن غلبناه فلابدَّ أن نحكم ببطلان الإجارة، كما أن في حكمها استحسان إن أخذ به فلابدَّ من القول بعدم اقتضاء الإجارة، وبقائها إلى الوقت الذي سمَّاه الواقف (٤)، أما الثاني في هذه المسألة فإن مفاده أن الإجارة لا تبطل بموت المؤجر الواقف؛ لأنه لم يؤاجرها بملك، إنما آجرها للوقف (٥).

وإذا مات المستأجر خلال مدة عقد الإجارة وقبل انقضائها فإن الإجارة تنفسخ، ويرجع ورثته بما عجل من الأجرة لما بقي من المدة على القابضين أو على من ضمن الدرك في الإجارة، وإذا استمروا على الانتفاع بالعين المستأجرة فعليهم أجرة المثل


(١) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدِّين الكاساني، دار الكتاب العربي، ط ١٩٨٢ م، ٤/ ٢٢٢.
(٢) انظر: الفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدِّين البلخي، ٢/ ٤١٨، وفتاوى قاضيخان، محمود الأوزجندي، ٣/ ٣٣٥، وغمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، شهاب الدِّين الحسيني الحموي الحنفي، ٤/ ٣٨٨.
(٣) انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، إبراهيم بن موسى بن أَبِي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي، ٦٥.
(٤) انظر: الفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدِّين البلخي، ٢/ ٤١٨، وأحكام الوقف، هلال بن يَحْيَى بن سلمة، ٢٠٦.
(٥) انظر: أحكام الأوقاف، الخصاف، ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>