للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتنوع مجالاتها وتختلف ميادينها وتتشابك أسبابها ومنشؤها ... وكان لزامًا والحال هذه على الدولة حينما توسعت حاجاتها، وتعقدت التزاماتها، وتعاظمت المشكلات التي تواجهها، أن تخصص لكل نوع من أنواع المنازعات التي تنشأ في الاجتماع المدني اختصاصًا قضائيًا محددًا تسنده إلى قاض بعينه، يكون من مهامه النظر فيه والتفرغ له .. فنشأت الاختصاصات القضائية، والمحاكم المختصة توثيق.

واللافت أن مثل هذا الأمر كان سابقًا في البلاد الإسلامية على شكل الدولة بمعناها الحديث، وعن استقلال نظام القضاء عن السلطة السياسية استقلالًا تامًا أو شبه تام ... ولم تكن مبرراته فقط أن يتمتع القاضي بحرية النظر في الدعاوي وفق ما يقوده إليه علمه ونظره، وما يتوفر أمامه من بينات وأدلة وقرائن، من دون أن يقع تحت إكراه سلطة مرغمة، يكون منشؤه في العموم السلطة السياسية، بل كانت مبرراته في الأساس ظروف التوسع في عمل القضاء مما لم يكن يسمح لقاضٍ واحد بالنظر في جملة المشكلات والقضايا التي تواجهه، فكان الاختصاص القضائي في حقيقته تسهيلا لمهمات القضاء، وتيسيرًا على القضاة، ودفعًا باتجاه تكوين خبرات أكثر اتساعًا في ميادين محددة يكتسبها القضاة جراء تفرغهم لقضايا بعينها فيكونون بذلك أكثر قدرة على الإحاطة بما يعرض عليهم النظر فيه من القضايا والمشكلات توثيق (١).


(١) انظر للتوسع: روضة القضاة وطريق النجاة، أبو القاسم علي بن محمد بن أحمد الرحبيّ المعروف بابن السِّمناني، تحقيق: د. صلاح الدين الناهي، مؤسسة الرسالة، بيروت - دار الفرقان، عمان، ط ٢، ١٤٠٤ هـ/ ١٩٨٤ م، والأحكام السلطانية، الماوردي، ومن المراجع المعاصرة: السلطات الثلاث في الإسلام، التشريع - القضاء - التنفيذ، عبد الوهاب خلاف، دار القلم، الكويت، ط ٢، ١٤٠٩ هـ/ ١٩٨٩ م، ونظام القضاء في الشريعة الإسلامية، د. عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ومكتبة البشائر، عمان - الأردن، ط ٢، ١٤٠٩ هـ/١٩٨٩ م، والقضاء في الدولة الإسلامية، تاريخه ونظمه، د سلامة محمد الهرفي البلوي، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض، ١٤١٥ هـ، والقضاء ونظامه في الكتاب والسنة، د. عبد الرحمن إبراهيم عبد العزيز الحميضي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ط ١، ١٤٠٩ هـ./ ١٩٨٩ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>