للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد زادت وتيرة الوقف، وتنوعت مصارفه، وتنامت موجوداته، منذ العصر الأيوبي؛ ليبلغ الذروة في العصرين المملوكي والعثماني، فقد أسهم الوقف في العصر الأيوبي في إعادة الوجه العربي الإسلامي للمدن الشامية بعد أن مسخه الاستعمار الصليبي، إذ قام صلاح الدين الأيوبي بتشجيع الوقف ودعمه بكل السبل، وقاد بنفسه مشروعات الوقف الكبرى في مختلف المجالات، وعلى رأسها المجال الثقافي، وازدهرت الأوقاف وتطورت في العصر المملوكي، وتضاعفت في بعض الأقاليم في أقل من قرن ونصف اثني عشرة مرة، وفي العصر العثماني فقد زادت الأوقاف تنظيما ونضجًا، وظهرت المشاريع الوقفية الكبرى، وظهر وقف النقود لأول مرة في تاريخنا الإسلامي، وصدرت عديد من القوانين والتشريعات المنظمة للأوقاف، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى تكليف شيخ الإسلام في إسطنبول بالإشراف على الأوقاف في كل الولايات العثمانية.

ومن الملاحظ أن الحرمين الشريفين، والمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، والمسجد الأموي في دمشق، وجامع القرويين في فاس، والجامع الأزهر في مصر، تعد أكثر المساجد حيازة للأملاك الوقفية وأكثرها ثراء وأثرا في مسيرة الأمة الحضارية، كما تعد مؤسسة خاصكي سلطان الوقفية في القدس، ومؤسسة الحرمين الشريفين في الجزائر، وخط سكة حديد الحجاز .. من أكبر المؤسسات الوقفية التي عرفها التاريخ الإسلامي.

وتؤكد المصادر المسطورة والآثار المنظورة بأن المرأة المسلمة تركت بصمات واضحة في مسيرة الوقف في مختلف المجالات الثقافية والخيرية العامة والخاصة، ولعل بناء جامع القرويين، ومشروع عين زبيدة، ووقفية خاصكي في القدس والحرمين الشريفين، ومكتبة الخالدية في القدس، وأخيرًا جامعة القاهرة .. من أبرز ما يؤكد على فاعلية المرأة في هذا الحقل المهمِّ من حقول عطاء الإسلام في مجال البر والإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>