للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن الوقف من الصدقات، فإذا ضممنا إليها أن الصدقة - غير الزكاة وغير الفطر على الغني - مستحبة، نعرف أن الوقف صدقة حكمها الاستحباب؛ لذا ذكر في جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام: أن الوقف من الصدقات، وأن الوقف والصدقة شيء واحد؛ ولذا ذكر بعضهم بأن المراد بالصدقة الجارية: الوقف (١).

وقد فصَّل السيّد الخوئي هذا الدليل وأوضحه؛ فقال: "الباب الثاني في الصدقة التي تواترت الروايات في الحثّ عليها والترغيب فيها، وقد ورد أنها دواء المريض، وبها يُدفع البلاء، وقد أبرم إبراما، وبها يُستنزل الرزق، وأنها تقع في يدّ الربّ قبل أن تقع في يدّ العبد، وأنها تخلُف البركة، وبها يقضي الدين، وأنها تزيد في المال، وأنها تدفع ميتة السوء والداء والدبيلة والحرق والغرق والجذام والجنون، إلى أن عدَّ سبعين بابًا من السوء، ويُستحب التبكير بها؛ فإنه يدفع شرّ ذلك اليوم، وفي أول الليل فإنه يدفع شرّ الليل" (٢).

وبما أن قسمًا من الوقف صدقة، كالوقف الذي قصد فيه القرية: إذن صار كهذه الصدقة التي تقدمت فيها الروايات والحاثّة عليها، فيشمله استحباب الصدقة التي تقع في يدّ الرب قبل أن تقع بيد العبد، وهو معنى القرية.

وأما الوقف الذي لا يشترط فيه قصد القرية، فهو أيضًا أمر مستحبّ؛ لأنه من المعروف المأمور به؛ ولذا قال السيّد الخوئي: "التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم"، ثم قال: "ففي الخبر: لو جرى المعروف على ثمانين كفًّا لأجروا كلهم، من غير أن ينقص من أجر صاحبه شيء" (٣).

وذكر صاحب الجواهر أيضًا في استحباب الوقف حتى على غير المسلمين من أهل الذمّة أنّه يكفي في ذلك ما دلّ على استحباب الوقف، وأنه من الصدقة الجارية


(١) انظر: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ٢٨/ ٢.
(٢) منهاج الصالحين، السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، نشر مدينة العلم، ط ٢٨، ذو الحجة ١٤١٠ هـ، ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٣) منهاج الصالحين، السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، ٢/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>