للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: لا يصح الوقف في هذا النوع؛ لأن الوقف مقتضاه التأبيد، فإذا كان منقطعًا صار وقفًا على مجهول، فلم يصح، وإليه ذهب محمد بن الحسن من الحنفية وهو المفتي به عندهم، والشافعي في أحد قوليه، واستدل أصحاب هذا القول (١):

١ - بالقياس على من وقف على مجهول في الابتداء.

٢ - لأنه لا بد من بيان جهة قرية لا تنقطع؛ لأن مقتضى الوقف التأبيد، وفي هذه الحالة يصير الوقف على مجهول.

النوع الثالث: أن يكون الوقف منقطع الابتداء: كالوقف على من لا يجوز الوقف عليه، كالوقف على نفسه، أو على كنيسة، أو على مجهول غير معين، فإن لم يذكر له مالًا يجوز الوقف عليه ففيه قولان:

القول الأول: يكون الوقف باطلًا، وهو قول الجمهور (٢).

القول الثاني: أن الوقف على النفس صحيح (٣)، وإليه ذهب الظاهرية، وأبو يوسف من الحنفية (٤).

واستدل أصحاب هذا القول:

١ - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها" (٥).

وجه الدلالة: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبدء بالنفس للتصدق عليها عام في كل صدقة؛ ومنها: الوقف.


(١) انظر: أحكام الأوقاف، الخصاف، ٢٧، وحاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٤٣٠ - ٤٣١، ونهاية المطلب، الجويني، ٨/ ٣٥٠، وروضة الطالبين، النووي، ٥/ ٣٢٥.
(٢) انظر: روضة الطالبين، النووي، ٥/ ٣١٨.
(٣) انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٨٤، والمحلى، ابن حزم، ١٤٢٠.
(٤) انظر: المحلى، ابن حزم، ١٤٢٠، ورد المحتار، ابن عابدين، ٤/ ٣٨٤.
(٥) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الابتداء في النفقة، (٩٩٧)، سنن أبي داود، كتاب العتق، باب عتق الأمهات، (٣٩٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>