للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ محمد حسن النجفي الجعفري: "لا خلاف ولا إشكال في أنه إذا تم الوقف بجميع شرائطه المعتبرة (كان لازمًا، لا يجوز الرجوع فيه، إذا في زمان الصحة)، بل الإجماع عليه عندنا، بل هو كالضروري، خلافًا لأبي حنيفة، فجوَّز للواقف الرجوع به؛ بل لورثته، إلا أن يرضوا به بعد موته؛ فيلزم، أو يحكم به حكم حاكم" (١).

واستدلوا لذلك بالآتي:

١ - ما أخرجه الشيخان عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، أصاب أرضًا بخَيبَرَ (٢)، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إنِّي أصَبتُ أرضًا بخَيبَرَ لم أُصِب مالًا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: "إن شئتَ حبست أصلها وتصدّقت بها قال: فتصدَّق بها عمر؛ أنه لا يباع أصلها ولا يُبتاع، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدّق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، لا جناح على متوليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يُطعم صديقًا غير متموّل فيه (٣) " (٤)، فقوله: لا يباع ولا يوهب ولا يورث، يدل على لزوم الوقف، وقطع التصرف فيه.

٢ - ما رُوي عن أبي هريرة وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" (٥).


(١) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، محمد حسن النجفي، ٢٨/ ١١.
(٢) هذه الأرض يقال لها: "ثمغ" بفتح المثلثة وسكون الميم بعدها معجمة، وقد ورد التصريح باسمها في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيام المعروف بصحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري، رقم (٢٧٦٤).
(٣) غير متمول: غير متخذ منها مالًا، أي ملكًا، والمراد أنه لا يتملك شيئًا من رقابها، انظر: نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، ٦/ ٢٧.
(٤) الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه المعروف بصحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري، حديث رقم (٢٧٧٢).
(٥) صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، بيت الأفكار الدولية، الأردن، رقم (١٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>