للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} (١) بالإضافة إلى الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالعهود والشروط والعقود، منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنون عند شروطهم" (٢) وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (٣).

وقد انطلق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في توسعتهم لشروط الواقف من كون الوقف من الإحسان الذي لا قيود عليه إلا قيد العصيان (٤)، قال تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} (٥)، وقد قرر ابن عابدين رحمه الله هذا المعنى بقوله: "شرائط الواقف معتبرة إذا لم تخالف الشرع وهو مالك، فله أن يجعل ماله حيث شاء ما لم تكن معصية، وله أن يخص صنفًا من الفقراء، ولو كان الوضع في كلهم قربة" (٦)، وجاء في مختصر خليل مع شرح الدردير: (واتبع) وجوبًا (شرطه) أي الوقف (إن جاز) شرعًا، ومراده بالجواز ما قابل المنع، فيشمل المكروه، ولو متفقًا على كراهته، فإن لم يجز لم يُتبع، وجاء في حاشية الدسوقي تعليقًا على قوله: "فإن لم يجز" أي اتفاقًا (٧)، وهذا يدل على أن شرط الواقف بشيء مختلف في حرمته ينفذ، ما لم يكن دليل الحِلية واهيًا لا يعتد بمثله أهل العلم، ومثله ورد في كتب الشافعية، حيث ذكرت أن شرائط الواقف تجب مراعاتها ما لم يكن فيها ما ينافي مقتضى الوقف (٨).


(١) سورة البقرة، آية ١٨١.
(٢) صحيح البخاري مع فتح الباري، ٤/ ٤٥١.
(٣) سورة المائدة، آية ١.
(٤) انظر: فتح القدير، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، دار ابن كثير، دمشق، ط ١، ١٤١٤ هـ، ٥/ ٥٨، والذخيرة، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٩٩٤ م، ٦/ ٣٢٩، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٥ هـ، ٣٨٥/ ٢، ومجموع الفتاوي، ابن تيمية، ٣١/ ١٣.
(٥) سورة التوبة، آية ٩١.
(٦) رد المحتار على الدر المختار، وتسمى حاشية ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ٢، ٣/ ٣٦١.
(٧) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، دار الفكر، بيروت، ٤/ ٨٨.
(٨) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الشربيني، ٢/ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>