للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول القرافي المالكي: "ويجب اتباع شروط الواقف ... لأنه ماله، ولم يأذن في صرفه إلا على وجه مخصوص، والأصل في الأموال العصمة" (١)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي: "والمقصود إجراء الوقف على الشروط التي يقصدها الواقف؛ ولهذا قال الفقهاء: إن نصوصه كنصوص الشارع، يعني في الفهم والدلالة، فيفهم مقصود ذلك من وجوه متعددة، كما يفهم مقصود الشارع" (٢).

يقول الشيرازي من الشافعية: "وتصرف الغلة على شرط الواقف من الأثرة والتسوية والتفصيل ... " (٣).

وقد منح الله تعالى الإنسان الحق في التصرف في أمواله بما ينفع دينه ودنياه وآخرته ما دام لا يتعارض مع نص شرعي ثابت صريح، وبالنسبة للوقف فله الحق في تحديد المقدار الذي يريد وقفه، فله الحق أن يقف ما شاء من أمواله دون حد، ما لم يكن مريضًا مرض الموت؛ حيث يتقيد بالثلث عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، أو مدينًا حيث لا يجوز له أن لا يترك ما يفي بديونه كاملة؛ لأنها مقدمة على الصدقات (٤).

ولكن الأفضل للمسلم أن لا يقف أو يتصدق بجميع أمواله ما دام له ورثة يحتاجون إليها، ويدل على ذلك ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حينما استأذنه أن يتصدق بأمواله؟ فقال سعد: "إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى،


(١) الذخيرة، القرافي، ٦/ ٣٢٦.
(٢) مجموع الفتاوي، ابن تيمية، ٣١/ ٩٨.
(٣) المهذب في فقة الإمام الشافعي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، دار الكتب العلمية، القاهرة، ١/ ٤٤٣.
(٤) انظر: لسان الحكام في معرفة الأحكام، أحمد بن محمد بن محمد أبو الوليد لسان الدين بن الشِّحْنَة الثقفي الحلبي، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ط ٢، ١٣٩٣ هـ/ ١٩٧٣ م، ص ٣٧٨، وحاشية الدسوقي، ٣/ ٣٠٦، وشرح الخرشي، ٥/ ٣٠٤، والمهذب، الشيرازي، ١/ ٤٥٣، والمغني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قدامة المقدسي، مكتبة القاهرة، بدون رقم أوتاريخ الطبيعة، ٦/ ٧١، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، دار الفكر، بيروت، د. ط، د. ت، ٣/ ٢٠٣، ويراجع لمزيد من التفصيل: مبدأ الرضا في العقود، د. علي القره داغي، ١/ ٤٩٩ و ٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>