للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وقال ابن الهمام في فتح القدير: "إذا شرط الواقف الولاية لنفسه، وكان غير مأمون على الوقف فللقاضي أن يخرجه؛ نظرًا للفقراء، كما له أن يخرج الوصي نظرًا للصغار، وكذا لو شرط أن ليس لسلطان ولا لقاض أن يخرجه عنه ويوليها غيره لا يلتفت إلى شرطه إذا كان غير مأمون؛ لأنه شرط مخالف لحكم الشرع فيبطل، وصرح بأن مما يخرج به الناظر ما إذا ظهر به فسق كشرب الخمر ونحوه" (١).

٣ - وقال برهان الدين بن مازه الحنفي: "وإذا كان الوقف على الفقراء وشرط الواقف الولاية لنفسه، وكان هو منهما غير مأمون على الوقف، فللقاضي أن ينزعها من يده؛ لأن القاضي نصب ناظرًا للفقراء لكل من عجز عن النظر لنفسه بنفسه، وبالوقف زال ملكه وثبت الحق فيه للفقراء، فإذا كان متهمًا كان للقاضي أن يخرجه نظرًا للفقراء كما له أن يخرج الوصي نظرًا للصغار، وكذلك لو ترك العمارة وفي يده من غلته ما يمكنه أن يعمره فالقاضي يجبره على العمارة، فإن فعل وإلا أخرجه من يده. ولو شرط الواقف ولايتها لنفسه وأن ليس للسلطان ولا للقاضي أن يخرجها من يده ويوليها غيره، فهذا الشرط باطل؛ لأنه مخالف لحكم الشرع؛ لأن الشرع أطلق للقاضي إخراج من كان متهمًا دافعًا للضرر عن الفقراء" (٢).

٤ - ونقل الحصكفي صاحب الدر المختار من معروضات المفتي أبي السعود قوله: "لو شرط الواقف العزل والنصب وسائر التصرفات لمن يتولى من أولاده ولا يداخلهم أحد من القضاة والأمراء، وإن داخلوهم فعليهم لعنة الله، هل يمكن مداخلتهم؟ " فأجاب: بأنه في سنة أربع وأربعين وتسعمائة قد حررت هذه الوقفيات المشروطة هكذا، فالمتولون يعرضون على مقتضى الشرع فلو أراد الواقفون الفساد ولعنوا من خالفهم، فهم الملعونون لما تقرر أن الشرائط المخالفة للشرع جميعها لغو


(١) فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢٣٢.
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني في فقه الإمام أبي حنيفة، أبو المعالي برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مَازَةَ البخاري الحنفي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط ١، ١٤٢٤ هـ/ ٢٠٠٤ م، ٦/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>