ومن تدرع بالعلم حفظ ومنع، وحاز قصب السبق وارتفع وبرع (ولما كان المجاهد لا ينكأ عدوا إلا بسلاح وعدة فكذلك المتعلم والمعلم لا يصنع أمة ولا يكشف غمة ولا يزيل ظلمة إلا إلا بعلم وعمل من أثر أو سنة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(الأحزاب: من الآية٢١.
ومن لا يربيه الرسول ويسقه ... لبنا له قدر من ثدي وحيه
فذاك لقيط ما له نسبة الولا ... ولا يتعدى طور أبناء جنسه
العلم وسيلة، والعمل ثمرة، العلم أساس البناء، والعمل ثمرة الغرس، والبناء من غير أس لا يبنى، والثمر من غير غرس لا يجنى، فاعلم أخي ولا تنس.
فما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ... إذا لم يكن فوق الكرام كرام
العلم أبلغ من القول (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: من الآية٤٣)، والناس أبناء ما يحسنون، وفعل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل، (ومهما كان العالم وطالب العلم والداعية فصيحا بليغا مؤثرا بارعا فإن كلامه لا يتجاوز الآذان ما لم يعمل به، حتى إذا عمل به دبت فيه الحياة؛ دبت بكل كلمة ينطق بها، واتجهت كل جملة كأنها قذيفة ترههف آذان الغافلين، وتوقظ ضمائر المتغافلين، وتصبح دروسه وخطبه ومواعظه برنامجا عمليا يتقبله الناس راضين به عاملين مذعنين) لا يغني العلم شيئا لوحده، لأن العلم لا يعمل وحده، إنما هو بمن يحمله ويعلمه.
يقول السيد قطب رحمه الله:(إن الكلمة لتنبعث ميتة، وتصل هامدة، مهما تكن طنانة رنانة متحمسة، إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها، ولن يؤمن إنسان بما يقول حقا إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول، وتجسيما واقعيا لما ينطق ... عندئذ يؤمن الناس، ويثق الناس، ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق .. إنها تستحيل يومئذ دفعة حياة لآنها منبثقة من حياة).
وعادة السيف أين يزهي بجوهره ... وليس يعمل إلا في يد بطل